قال ابن جرير حدثت عن ابن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس قال : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) قال : أمر النار تأكلهم ، قال : وقال ابن مسعود : «ليأتين على جهنم زمان تخفق أبوابها ، ليس فيها أحد ، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابا».
وقال أحمد : حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن إسحاق عن الشعبي قال : جهنم أسرع الدارين عمرانا وأسرعها خرابا. وقال حرب عن إسحاق بن راهويه : حدثنا عبد الله بن معاذ حدثنا أبى ، حدثنا شعبة عن أبي بلج : سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن عمرو قال : «ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد ، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابا» ، وقال إسحاق : حدثنا عبيد الله بن معاذ ؛ حدثنا أبي ؛ حدثنا شعبة عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : «ما أنا بالذى أقول إنه سيأتى على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرأ : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ).
* * *
فصل
ومن عدله سبحانه أنه لا يزيد أحدا في العذاب على القدر الّذي يستحقه ، وهذا يشهده أهل النار في النار ؛ ومدة الكفر والشرك منقطعة ، فكيف يكون العذاب على المنقطع سرمدا أبدا الآبدين لا انقطاع له البتة؟ بخلاف النعمة ، فإنه محض فضله ؛ فدوامه لا ينافي الحكمة.
فإن قيل : لما كان من نيته أن يستمر على الشرك والكفر ، ولو عاش أبدا كان عقابه موافقا لهذه النية والإصرار ، فالجواب : إن العقوبة الدائمة إما أن تكون مصالحة للمعاقب ؛ أو للمعاقب أو لهما ، أو غيرهما ، أو لا مصلحة فيها البتة. والأقسام كلها باطلة. أما المعاقب فإنه إنما تكون العقوبة مصلحة في حقه إذا كان محتاجا إليها لشفاء غيظه وإطفاء نار غضبه التي يتأذى ببقائها. والله تعالى منزه