الإيمان فرقا وتعظيما لله من الاعتذار عنك ، وأن ما فعلته هو وجه الصواب ، إذ غرت على التوحيد أن يحملك على السجود لغيره ، وإنك لم تزل رأس المحبين قائد المطيعين ولكن :
إذ كان المحب قليل حظ |
|
فما حسناته إلا ذنوب |
ويا لله لقد قال هذا الخليفة منك والولى لك ما لم تستحسن أن تقوله لربك ولا تظنه فيه.
الوجه الثاني والعشرون : قوله : وإذ قد أبعدني وطردني فلم سلطنى على آدم حتى دخلت إليه وأغويته فيها؟ فيقال له : هذا تلبيس منك على من لا علم له بكيفية قصتك خلق الله تعالى آدم وقد علم سبحانه أنه خلقه ليجعله خليفة في الأرض ويستخلف أولاده إلى أن يرثها ومن عليها ، ولم يكن سبحانه لينزله إلى الأرض بغير سبب ، فإنه الحكيم في كل ما يأمر به ويقدره ويقضيه. فأباح لآدم جميع ما في الجنة ، وحمى عنه شجرة واحدة. وقد وكل الله تعالى بكل واحد من البشر قرينا من الشياطين لتمام حكمته التي لأجلها خلق الجن والإنس وكنت أنت قرين الأب لتمام الابتلاء ، فاقتضت حكمته وحمده سبحانه أن يبتلى بك الأبوين لسعادتهما وتمام شقوتك ، فخلى بينك وبين الوسوسة لهما لنفذ قضاءه وقدره السابق فيك وفيهما وفي الذرية ، وإذا كان سبحانه قد أجرى ذريتك من ذريته مجرى الدم امتحانا لهم ، فهكذا امتحن بك الأبوين مدة حياتهم فلم تكن لتفارقهما إلا بالموت كحال ذريتك مع ذريتهما.
تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني
وأوله : فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل
حقائق الأسماء والصفات ، وهو طاغوت المجاز.
* * *