يدل على وجود الجميع في الخارج سوى مجرد التقسيم. وهو لا يفيد الثبوت الخارجى ، فحينئذ لا يتم لهم مطلوبهم حتى يثبتوا أن هاهنا ألفاظا وضعت لمعان حتى تقلب عنها بوضع ثان على معان أخر غيرها ، وهذا مما لا سبيل لأحد إلى العلم به.
الوجه السابع : أن تقسيم الألفاظ إلى ألفاظ مستعملة فيما وضعت له ، وألفاظ مستعملة في غير ما وضعت له تقسيم فاسد يتضمن إثبات الشيء ونفيه ، فإن وضع اللفظ للمعنى هو تخصيصه به بحيث إذا استعمل فهم منه ذلك المعنى ، ولا يعرف للوضع معنى غير ذلك ، ففهم المعني الذي سميتموه أو سميتم اللفظ الدال عليه أو استعماله على حسب اصطلاحكم مجازا مع نفى الوضع جمع بين النقيضين ، وهو يتضمن أن يكون اللفظ موضوعا غير موضوع.
فإن قلتم : لا تناقض في ذلك فإنا نفينا الوضع الأول وأثبتنا الوضع الثاني.
قيل لكم : هذا دور ممتنع ، فإن معرفة كونه مجازا متوقف علي معرفة الوضع الثاني ومستفاد منه ، فلو استفيد معرفة الوضع من كونه مجازا لزم الدور الممتنع ، فمن أين علمتم أن هذا وضع ثان للفظ ، وليس معكم إلا أن ادعيتم أنه مجاز ، ثم قلتم فيلزم أن يكون موضوعا وضعا ثانيا ، فإنكم إنما استفدتم كونه مجازا من كونه مستعملا في غير موضوعه فكيف يستفاد كونه مستعملا في غير موضوعه من كونه مجازا؟!.
يوضحه الوجه الثامن : إنه ليس معكم إلا استعمال ؛ وقد استعمل في هذا وهذا ، فمن أين لكم أن وضعه لأحدهما سابق على وضعه للآخر ، ولو ادعى آخر أن الأمر بالعكس كانت دعواه من جنس دعواكم ، وسيأتي الكلام على الإطلاق والتقييد الذي هو حقيقة ما تعرفونه به ، وأنه لا يفيدكم شيئا البتة.
الوجه التاسع : إن هذا يتضمن التفريق بين المتماثلين ، فإن اللفظ إذا أفهم هذا المعني تارة وهذا تارة فدعوى المدعى أنه موضوع لأحدهما دون الآخر ، وأنه عند فهم أحدهما يكون مستعملا في غير ما وضع له تحكم محض ، وتفريق بين المتماثلين.