عنها : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك» يتأول القرآن (١). فهذا التأويل هو فعل نفس المأمور به.
فهذا هو التأويل في كلام الله ورسوله.
(٣ ـ معنى التأويل اصطلاحا)
وأما التأويل في اصطلاح أهل التفسير والسلف من أهل الفقه والحديث فمرادهم به معنى التفسير والبيان. ومنه قول ابن جرير وغيره : القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا. ومنه قول الإمام أحمد في «الرد على الجهمية» فيما تأولته من القرآن على غير تأويله ، فأبطل تلك التأويلات التى ذكرها وهو تفسيرها المراد بها. وهو تأويلها عنده ، فهذا التأويل يرجع إلى فهم المؤمن ويحصل في الذهن ، والأول يعود إلى وقوع حقيقته في الخارج.
وأما المعتزلة والجهمية وغيرهم من المتكلمين فمرادهم بالتأويل صرف اللفظ عن ظاهره ، وهذا هو الشائع في عرف المتأخرين من أهل الأصول والفقه.
ولهذا يقولون : التأويل على خلاف الأصل ؛ والتأويل يحتاج إلى دليل. وهذا التأويل هو الّذي صنف في تسويغه وإبطاله من الجانبين. فممن صنف في إبطال التأويل على رأى المتكلمين القاضى أبو يعلى والشيخ موفق الدين ابن قدامة ، وقد حكى غير واحد إجماع السلف على عدم القول به.
ومن التأويل الباطل تأويل أهل الشام قوله صلىاللهعليهوسلم لعمار : «تقتلك الفئة الباغية» (٢) فقالوا : نحن لم نقتله ، إنما قتله من جاء به حتى أوقعه بين رماحنا. وهذا التأويل مخالف لحقيقة اللفظ وظاهره ؛ فإن الّذي قتله هو الذي باشر قتله لا من استنصر به. ولهذا رد عليهم من هو أولى بالحق والحقيقة منهم فقالوا :
__________________
(١) أخرجه البخاري في الآذان (٨١٧) ، ومسلم في (الصلاة / ٤٨٤).
(٢) أخرجه مسلم (الفتن / ٢٩١٦) من حديث أم سلمة ، وأخرجه البخاري من حديث أبي سعيد (٤٤٧) بلفظ : «ويح عمار تقتله الفئة الباغية».