الخالق والمخلوق. وهذا قول عامة العقلاء ، وهو الصواب ، وإن فرقتم بين بعض الألفاظ وبعض ، وقعتم في التناقض والتحكم المحض. يوضحه :
(خصائص الإضافات لا تخرج اللفظ عن حقيقته)
الوجه الثامن والعشرون : إن خصائص الإضافات لا تخرج اللفظ عن حقيقته وتوجب جعله مجازا عند إضافته إلى محل الحقيقة. وهذا من مثار أغلاط القوم. مثاله لفظ الرأس ، فإنه يستعمل مضافا إلى الإنسان والطائر والسمك والماء والطريق والإسلام والمال وغير ذلك ، فإذا قيد بمضاف إليه تعين ، ولم يتناول غيره الأمور المضاف إليها ، بل هذا القيد غير هذا القيد. ومجموع اللفظ الدال في هذا التقييد غير مجموع اللفظ الدال في هذا التقييد الآخر ، وإن اشتركا في جزء اللفظ كما اشتركت الأسماء المعرفة باللام فيها ، فلم تضع العرب لفظ الرأس لرأس الإنسان مثلا وحده ، ثم إنهم وضعوه لرأس الطائر والماء وغيرها ، فهذا لا يمكن أحدا أن يدعيه إلا أن يكون مباهتا. وكذلك لفظ البطن والظهر والخطم والفم ، فإنه يقال : ظهر الإنسان وبطنه ، وظهر الأرض وبطنها وظهر الطريق وظهر الجبل وخطم الجبل ، وفم الوادي وبطن الوادي. وذلك حقيقة في الكل فالظاهر لما ظهر فتبين. والباطن لما بطن فخفي فالحسي للحسي والمعنوي ونسبة كل منهما إلى ما يضاف إليه كنسبة الآخر إلى ما يضاف إليه والعرب لم تضع فم الوادى وخطم الجبل وظهر الطريق لغير مفهومه ، حتى يكون استعماله في ذلك استعمالا له في غير موضوعه ولم تتكلم بلفظ فم وظهر ورأس مفردا مجردا عن جميع الإضافات ، فتكون إضافته مجازا في جميع موادها ، ولم تضعه لمضاف إليه معين يكون حقيقة فيه ثم وضعته لغيره وضعا ، ثانيا ، فأين محل الحقيقة والمجاز من هذه الألفاظ المقيدة؟
الوجه التاسع والعشرون : إن من الأسماء ما تكلمت به العرب مفردا مجردا عن الإضافة ، وتكلمت به مقيدا بالإضافة كالإنسان مثلا والإبرة ، فإنهم يقولون إنسان العين وإبرة الذراع وقد ادعى أرباب المجاز أن هذا مجاز ، وهنا لم