أو عن أحد من خلقه بلفظ حقيقة ، فإن قوله : / أقيموا الصلاة / واتقوا الله / وآمنوا / واسمعوا / وجاهدوا / واصبروا / واذكروا الله / وارهبون / واخشون / وادعونى / وأمثال ذلك عندهم مجاز فلو أراد أن يأمر بلفظ الحقيقة أو يخبر عن نفسه أو عن فعله أو عن فعل خلقه بها ، ما ذا يقول سبحانه حتى يكون متكلما بالحقيقة ، وكذلك قوله لرسوله صلىاللهعليهوسلم (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وأضعاف ذلك كله مجاز ، كذلك في جانب الخبر نحو / وإذ قال ربك للملائكة / وقالت الملائكة / وعلم آدم الأسماء كلها / وقوله : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) وأكثر من مائة ألف فعل ومائة ألف خبر فإذا (كانت) هذه مجازا عندك فكيف يصنع من (أراد أن) يتكلم بالحقيقة.
الوجه السادس : قوله ويدل على انتظامه لجميع جنس المصدر أنك تعلمه في جميع أجزاء ذلك الفعل نحو (قمت) قومة وقومتين ومائة قومة ، وقياما حسنا وقبيحا.
وهذا من أعظم ما يبطل قوله ، فإن العرب وضعته مطلقا غير عام بل صالحا للعمل في الواحد والاثنين ، والكثير والقليل ، وهو في كل ذلك حقيقة لم يخرج عن موضوعه ويستعمل في غيره ، والعجب إنك صرحت في آخر كلامك بأنه موضوع لصلاحيته لذلك كله ، فدل على أنه ليس بموضوع للعموم فبطل قولك إنه موضوع لجميع الجنس بقولك إنه موضوع لأن يكون صالحا للواحد والقليل والكثير ، وهذا هو الحق وهو ينفى المجاز ويبين إنه حقيقة في الجميع ، وهذا الذي يعقله بنو آدم.
وأما استدلالك على ذلك بإعمال الفعل فيه فمن أعجب العجب فإنه يعمل في المرة الواحدة والمرتين والمرات والمطلق والعام ، فإن كان أعماله في العام نحو يظنان كل الظن ، وبابه دليل على أنه موضوع له ، فهل كان إعماله في الخاص دليلا على أنه موضوع له ، فما خرج عن موضوعه حيث أعمل ، وهذا ظاهر بحمد الله.