فيه ؛ بل استعماله في هذا المفهوم لا يختص باللغة العربية بل جميع الأمم على اختلاف لغاتها لا يريدون غير هذا المفهوم فدعوى أن الحقيقة التي وضع لها اللفظ تخالف ذلك دعوى كاذبة ، بل حقيقة هذا اللفظ التى وضع واستعمل في كل لسان هى إمساس بعض المضروب بآلة الضرب ؛ لا يعرف له حقيقة غير ذلك البتة.
(اختلاف الأفعال بحسب متعلقها)
الوجه التاسع عشر : أن الأفعال تختلف محالها ومتعلقاتها فمنها ما يكون الفعل فيه شاملا لجميع أجزاء المفعول ظاهره وباطنه كقولك خلق الله زيدا وأوجده وكونه وأحدثه ، ومنها ما يقع الفعل فيه على ظاهر المحل دون باطنه كقولك اغتسل زيد ، ومنها : ما يقع باطنه دون ظاهره نحو : فرح زيد ، ورضي ، وغضب ، وأحب ، وأبغض ، ومنها : ما يقع على بعض جوارحه نحو : قام ، وتكلم ، وأحدث ، وأبصر ، وجامع ، وقبّل وخالط ، وكتب ، فينسب الفعل في ذلك كله إلى جملته وهو حاصل ببعض أعضائه ، ومن قال أن كل ذلك مجاز جاهر بالبهت والكذب ، فإن العرب لم تضع هذه الألفاظ قط لغير معانيها المفهومة منها ولم تنقلها عن موضعها إلى غيره.
ونظير هذا أن الصفات تجري على موصوفاتها حقيقة فمنها ما يكون لباطنه دون ظاهره كعالم وعاقل ومحب ومبغض وحسود ونحو ذلك ، ومنها : ما يكون صفة للظاهر دون الباطن كأسود ، وأبيض ، وأحمر ، وطويل ، وقصير ، ومنها ما يعم الظاهر كله لهذه الصفات ، ومنها : ما يخص بعضه كأعرج ، وأحدب ، وأشهل ، وأقرع ، وأخرس ، وأعمى ، وأصم ، وكذلك أسماء الفاعلين منها : ما يعم جميع الذات كالمسافر ومنتقل ، ومنها : ما يخص بعض الذات ككاتب وصانع ، والفعل صادق في ذلك كله واسم الفعل حقيقة لا مجاز باتفاق العقلاء ، ولم يشترط أحد في وجود النسبة حقيقة أن يصدر الفعل عن اليد والرجل وجميع الأجزاء الظاهرة والباطنة وهذا كما أنه لا يشترط في الفاعل فلا