القدر الذي لا نقص فيه ، وغاية ذلك أن يكون قد استعمل لفظها في بعض مدلوله كالعام إذا استعمل في الخصوص ، والأمر إذا استعمل في الندب وذلك لا يخرج اللفظ عن حقيقته عند جمهور الناس ، قيل هذا حقيقة عندهم ، فإن اللفظ يستعمل في المجموع عند إطلاقه ، وفي البعض عند تقييده ، والمطلق موضوع والمقيد موضوع كما تقدم ، لا سيما أكثر الناس يقولون إن بعض الشيء وصفته ليس غيرا له كما أجاب مثبتو الصفات لنفاتها وحينئذ فلا يكون اللفظ مستعملا في غير موضوعه ، فلا يكون مجاز.
الوجه الخامس عشر : إن هذا النقض اللازم (للصفة) ليس هو من موضوعها ولا مسمى لفظها ، وإنما هو من خصوص الإضافة ، فالقدر الممدوح الذي هو موضوع الصفة والنقص اللازم غير داخل في موضوعها ، وكذلك لا دلالة في لفظها على العدم ، والوجود غاية الكمال الذي لا كمال فوقه ، وإنما ذلك من لوازم إضافتها ونسبتها إلى الرب سبحانه ، فإذا موضوع لفظها مطلق المعنى الممدوح ، وخصوص الإضافة غير داخل في اللفظ المطلق. وعلى هذا فإذا استعملت في حق الرب تعالى كانت حقيقة. وإذا استعملت للعبد كانت حقيقة.
فتدبر هذا فإنه فصل الخطاب فيما يطلق على الرب والعبد ، واعتبر هذا فيما يطلق على المخلوق نفسه فإنه حقيقة مع دلالته على غاية المدح في المحل ، وغاية الذم في محل آخر.
(مثاله) قولك : هذا كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهديه وسمته ، وهذا كلام الصديق. وهذا كلام المفتري. فهذا حقيقة وهذا حقيقة. وهما في غاية التضاد والاختلاف. وهذا التعريف بالإضافة نظير التعريف باللام ينصرف إلى كل محل بحسبه (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) (المزمل : ١٦) هو موسى. و (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ) (النور : ٦٣) وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، فرسول دال على القدر المشترك واللام تدل على تعريفه وتعيينه. وكل من الموضوعين حقيقة. هذا مع أن اللفظ يستعمل مجردا عن التعريف كثيرا.
وأما لفظ الرحمة والسمع والبصر واليد والوجه والكلام فلا تكاد تستعمل إلا