به خلاف ظاهره» والخلاف مع المرجئة ، ثم احتج على ذلك بأنه عبث وهو على الله محال ، والذي احتج به على المرجئة يحتج به عليه أهل السنة بعينه ، وهذا الذي قاله هو الحق وهو ما اتفق عليه العقلاء ، فلا يجوز أن يتكلم الله بشيء ويريد به خلاف ظاهره إلا وفي السياق ما يدل على ذلك بخلاف المجمل ، فإنه يجوز عندهم أن يتكلم به لأنه لم يرد به خلاف ظاهره ، والفرق بينهما إيقاع الأول في اللبس واعتقاد الخطأ بخلاف المجمل ، فكيف إذا كان مع ظاهره من القرآن ما ينفي إرادة غيره ، فدعوى إرادة غير الظاهر حينئذ ممتنع من الوجهين.
الوجه السابع والثلاثون : إن حقيقة هذا المجاز أنه ليس فوق السموات رب ، ولا على العرش إلا العدم المحض ، وليس هناك من ترفع إليه الأيدي ويصعد إليه الكلم الطيب ، وتعرج الملائكة والروح إليه ، وينزل الوحى من عنده ويقف العباد بين يديه ، ولا عرج برسوله إليه حقيقة ، ولا رفع المسيح إليه حقيقة ، ولا يجوز أن يشير إليه أحدنا بإصبعه إلى فوق كما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا يجوز أن يقال أين هو كما قاله النبي صلىاللهعليهوسلم ولا يجوز أن يسمع من يقول أين ويقره عليه ؛ كما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من السائل وأقره عليه ، ولا يراه المؤمنون بأبصارهم عيانا فوقهم ، ولا له حجاب حقيقة يحتجب به عن خلقه ولا يقرب منه شيء ولا يبعد منه شيء ، ونسبته من فوق السموات كلها إلي القرب منه كنسبه من في أسفل سافلين ، كلها في القرب من ذاته سواء ، فهذا حقيقة هذا المجاز وحاصله ، ومعلوم أن هذا أشد (مناقضة) لما جاءت به الرسل منه للمعقول الصريح ، فيكون من أبطل الباطل.
(أنواع تحريف الكلام)
الوجه الثامن والثلاثون : إن الله سبحانه ذم المحرفين للكلم ؛ والتحريف نوعان : تحريف اللفظ وتحريف المعنى ، فتحريف اللفظ العدول به عن جهته إلى غيرها ، أما بزيادة وإما بنقصان وإما بتغيير حركة إعرابية ، وأما غير إعرابية ، فهذه أربعة أنواع ؛ وقد سلك فيها الجهمية والرافضة ، فإنهم حرفوا نصوص الحديث