الصديق هذا هاد يهديني السبيل ، ولكن لا يستعمل طول اليد بالصدقة إلا في حق من له يد ذاتية ، فسواء كان المراد بقوله أطولكن يد «اليد الذاتية» أو «اليد المعنوية» فهو مستلزم لثبوت يد الذات ، وإن أطلق على ما تباشره يكون بها من الصدقة الإحسان ، فإن كان في اللفظ ما يعين ذلك (فهو) حقيقة في المراد ، وإن لم يكن في اللفظ ما يعينه فهو للكناية المستعملة في المصلحة ، فليس في ذلك ما ينفي حقيقة اليد لله بوجه من الوجوه.
فإن قيل : كيف تصنعون بيد الحائط في قول لبيد : إذا أصبحت بيد الشمال ذمامها.
وقول المتنبى :
وكم لظلام الليل عندي من يد |
|
تخبر أن المانوية تكذب (١) |
وقد استعملت اليد في ذلك كله في مواضع حقيقة.
قيل : لا يلزمنا هذا السؤال لأنا قلنا متى أضيفت يد القدرة والنعمة إلى الحى استلزمت اليد الحقيقية ، وهذا استعمال مطرد غير متنقض وهذا يتعين :
__________________
قال الحافظ العراقي : رواه الترمذي في «الشمائل» هكذا مرسلا ، وأسنده ابن الجوزي في «الوفاء» من حديث أنس بسند ضعيف ا ه.
وقال الزبيدى : وتأمل مزحه صلىاللهعليهوسلم تجده لا يخلو من بشرى عظيمة ، أو فائدة عزيزة ، أو مصلحة تامة ، فهو في الحقيقة غاية الجد ، وليس مزاحا إلا باعتبار الصورة فقط ا ه (الاتحاف : ٧ / ٥٠٠).
والحديث ذكر له الألباني شواهد قواه بها وحكم عليه بالحسن فانظره في «غاية المرام» (المقدمة ص ١١) وحديث رقم (٣٧٥).
(١) المانوية : أتباع مانى بن هامش ، زعم أن صانع العالم اثنان ، أحدهما فاعل وهو نور ، وثانيهما فاعل الشر وهو ظلمة ، وفي الأمثال (أكذب من مانى) وانظر [«هداية الحيارى» للمصنف بتحقيقنا طبعة نزار الباز بمكة المكرمة ، والفرق بين الفرق ٢٧١ ، والملل والنحل ١ / ٢٤٤)].