(٥) المثال الخامس في : إثبات الوجه لله سبحانه
(المثال الخامس) : وجه الرب جل جلاله حيث ورد في الكتاب والسنة فليس بمجاز بل على حقيقته ، واختلف المعطلون في جهة التجوز في هذا ، فقالت طائفة : لفظ الوجه زائدا ، والتقدير : ويبقى ربك ، إلا ابتغاء ربه الأعلى ، ويريدون ربهم.
وقالت فرقة أخرى منهم : الوجه بمعنى الذات ، وهذا قول أولئك وإن اختلفوا في التعبير عنه. وقالت فرقة : ثوابه وجزاؤه ، فجعله هؤلاء مخلوقا منفصلا ، قالوا لأن الذي يراد هو الثواب. وهذه أقوال نعوذ بوجه الله العظيم من أن يجعلنا من أهلها. قال عثمان بن سعيد الدارمي ، وقد حكى قول بشر المريسي أنه قال في قول النبي صلىاللهعليهوسلم «إذا قام العبد يصلي أقبل الله عليه بوجهه» (١) يحتمل أن يقبل الله عليه بنعمته وإحسانه وأفعاله وما أوجب للمصلي من الثواب ، فقوله : و «ويبقي وجه ربك» أي ما توجه به إلى ربك من الأعمال الصالحة. وقوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (البقرة : ١١٥) أي قبلة الله.
قال الدارمي : لما فرغ المريسي من إنكار اليدين ونفيهما عن الله أقبل على وجه الله ذي الجلال والإكرام لينفيه عنه كما نفى عنه اليدين ، فلم يدع غاية في إنكار وجه الله ذي الجلال والإكرام والجحود به حتى ادعى أن وجه الله ـ الذي
__________________
(١) [صحيح الإسناد] رواه ابن نصر في «الصلاة» (٢٤ / ١) من حديث حذيفة يرفعه بلفظ : «إذا قام أحدكم ، أو قال الرجل في صلاته ، يقبل الله عليه بوجهه ، فلا يبزقن أحدكم في قبلته ولا ليبزقن عن يمينه فإن كاتب الحسنات عن يمينه ولكن ليبزقن عن يساره».
قال الألباني : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين «السلسلة الصحيحة» (١٠٦٢).