فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا يسأل بوجه الله إلا الجنة» فدل على بطلان قول من قال هو ذاته.
الثالث عشر : ما رواه مسلم في «صحيحه» من حديث أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» (١) فإضافة السبحات التي هي الجلال والنور إلى الوجه وإضافة البصر إليه ، تبطل كل مجاز وتبين أن المراد وجهه.
الرابع عشر : ما قاله عبد الله بن مسعود : ليس عند ربكم ليل ولا نهار ، نور السموات والأرض من نور وجهه (٢) فهل يصح أن يحمل الوجه في هذا على مخلوق أو يكون صلة لا معنى له ، أو يكون بمعنى القبلة والجهة ، وهذا مطابق لقوله عليهالسلام : «وأعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، (٣) فأضاف النور إلى الوجه ، والوجه إلى الذات ، واستعاذ بنور الوجه الكريم ، فعلم أن نوره صفة له ، كما أن الوجه صفة ذاتية ، والذي قاله ابن مسعود هو تفسير قوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (النور : ٣٥) فلا تشتغل بأقوال المتأخرين الذين غشيت بصائرهم عن معرفة ذلك ، فخذ العلم عن أهله ، فهذا تفسير الصحابة رضي الله عنهم.
الخامس عشر : إن من تدبر سياق الآيات والأحاديث والآثار التي فيها ذكر
__________________
(١) رواه مسلم (١٧٩) وانظر تعليقنا عليه في «اجتماع الجيوش» طبعة نزار الباز بمكة المكرمة.
(٢) ذكره الحافظ ابن كثير في تفسير سورة النور ، والحافظ الهيثمي في «المجمع» (١ / ٨٥) وقال : رواه الطبراني في «الكبير» وفيه عبد السلام ، قال أبو حاتم : مجهول ، وقد ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وعبد الله بن مكرز أو عبيد الله على الشك لم أر من ذكره ا ه.
(٣) تقدم تخريجه قريبا وفيه ضعف.