الرفيع ، ولا هو في السماء ولا ينزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء ، ولا تكلم ولا أمر ولا نهى ، لا يسمع ولا يبصر ، ولا له وجه ولا رحمة ولا يرضى ولا يغضب أصح من إطلاق ذلك ، وأدنى الأحوال أن يصح النفي كما يصح الإطلاق المجازي ومعلوم قطعا أن إطلاق هذا النفي تكذيب صريح لله ولرسوله ، ولو كانت هذه الإطلاقات إنما هي على سبيل المجاز لم يكن في نفيها محذور ، لا سيما ونفيها عن التنزيه والتعظيم ، وسوغ إطلاق المجاز للوهم الباطل بل الكفر والتشبيه والتجسيم ، فهل في الظن السيئ بكتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم وكلام الصحابة والأئمة فوق هذا.
فإن قيل : نحن لا نطلق هذا أدبا مع الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
قيل : الأدب لا يمنع صحة الإطلاق وإن ترك أدبا ، كما إذا قيل : إنا لا نطلق على هذا القاضي المعروف إنه معزول أدبا معه ، ولا من السلطان إذا مرض أنه مريض أدبا معه ، ولا على الأمير إنه قد عمي أدبا معه ، فهذا الأدب إنما هو عن إمساك التكلم بهذا اللفظ لا عن صحة إطلاقه ، فنسألكم هل يصح إطلاق هذا النفي عندكم لغة أو عقلا أم لا ، فإن قلتم إطلاقه يوهم نفي المعنى المجازي فيكون ممتنعا ، قيل فلا يمتنع حينئذ أن تقولوا ليس بمستو على عرشه حقيقة ، ولا هو فوق العالم حقيقة ، ولا القرآن كلامه حقيقة ، ولا هو آمر ولا ناه حقيقة ، ولا هو عالم حي حقيقة ، كما يصح أن يقال : ليس هذا الرجل بأسد حقيقة ، ولا ريب أنكم لا تتحاشون من هذا النفي عن الله ، لكن تمسكون عنه خوف الشناعة ، وهيهات الخلاص لكم منها ، وقد أنكرتم حقائق أسمائه وصفاته.
* * *