شيئا ، وهذا الإلزام لمن قال ذلك هو الرسول صلىاللهعليهوسلم وتصديقه واجب علينا ، فإن كان تصديقه على ذلك بطل الإلزام به ، فبهت الجهمي.
قالوا وقد دل العقل والشرع على أن الله سبحانه حي فعال ، ولا فرق بين الحي والميت إلا بالفعل ، فالفعل الاختياري من لوازم الحياة فالإرادة والمشيئة من لوازم الفعل ، وللفعل لوازم لا يجوز نفيها ، إذ نفيها يستلزم نفي الفعل الاختياري ، ولهذا لما نفاها الدهرية والفلاسفة نفوا الفعل الاختياري من أصله.
قالوا : ومن لوازم الفعل والترك الحب والبغض وانتقال الفاعل من شأن إلى شأن ، والرب تبارك وتعالى كل يوم هو في شأن ، ومن كان على حال واحد قبل الفعل وحال الفعل وبعد الفعل لم يعقل كونه فاعلا باختياره ، بل ولا فاعلا البتة ، فليس مع نفاة لوازم الأفعال إلا إثبات ألفاظ لا حقائق لها.
والمقصود أن هؤلاء قالوا : نحن لم نصرح بالانتقال من عند أنفسنا ، ولكن الله ورسوله قالاه.
* * *
فصل
أما الذين نفوا الحركة والانتقال ، فإن نفوا ما هو من خصائص المخلوق فقد أصابوا ولكن أخطئوا في ظنهم أن ذلك لازم ما أثبته لنفسه ، فأصابوا في نفى خصائص المخلوقين وأخطئوا في ظنهم أنه لازم ما أثبته لنفسه وفي نفيهم للازم الذي يستحيل اتصاف المخلوق بنظيره ، وقد بينا فيما تقدم أن الصفة يلزمها لوازم لنفسها وذاتها ، فلا يجوز نفي هذه اللوازم عنها لا في حق الرب ولا في حق العبد ، ويلزمها لوازم من جهة اختصاصها بالعبد ، فلا يجوز إثبات تلك اللوازم للرب ، ويلزمها لوازم من حيث اختصاصها بالرب فلا يجوز سلبها عنه ولا إثباتها للعبد ، فعليك بمراعاة هذا الأصل والاعتصام به في كل ما يطلق على الرب تعالي ، وعلى العبد.
وأما الذين أمسكوا عن الأمرين وقالوا : لا نقول يتحرك وينتقل ، ولا ننفي