ليس له نظير ، وهو مع ذلك فوق سماواته على عرشه ، كما أنه سبحانه يقرب من عباده في آخر الليل وهو فوق عرشه ، فإن علوه سبحانه على سماواته من لوازم ذاته ، فلا يكون قط إلا عاليا ، ولا يكون فوقه شيء البتة ، كما قال أعلم الخلق : «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء» وهو سبحانه قريب في علوه عال في قربه ، كما في الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر فارتفعت أصواتنا بالتكبير فقال : «أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إن الذي تدعونه سميع قريب ، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (١) فأخبر صلىاللهعليهوسلم وهو أعلم الخلق به أنه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ، وأخبر أنه فوق سماواته على عرشه مطلع على خلقه يرى أعمالهم ويعلم ما في بطونهم ، وهذا حق لا يناقض أحدهما الآخر.
والذي يسهل عليك فهم هذا : معرفة عظمة الرب وإحاطته بخلقه. وأن السموات السبع في يده كخردلة في يد العبد. وأنه سبحانه يقبض السموات بيده والأرض بيده الأخرى ثم يهزهن. فكيف يستحيل في حق من هذا بعض عظمته أن يكون فوق عرشه ويقرب من خلقه كيف شاء وهو على العرش.
وبهذا يزول الإشكال عن الحديث الذي رواه الترمذي من حديث الحسن عن أبي هريرة قال : بينما نبي الله صلىاللهعليهوسلم جالس في أصحابه إذ أتى عليهم سحاب. فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم هل تدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال هذا العنان. هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» ثم قال : «هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإنها الرفيع سقف محفوظ وموج مكفوف» ثم قال : «هل تدرون كم بينكم وبينها؟
__________________
والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإذا أقبل إلي يمشى ، أقبلت إليه أهرول».
(١) تقدم تخريجه وهو في صحيح مسلم.