ثم قال البخاري : فبيّن النبي صلىاللهعليهوسلم أن أصوات الخلق ودراستهم وقراءتهم وتعلمهم وألسنتهم مختلفة بعضها أحسن من بعض ، وأتلى وأزين وأصوت وأرتل وألحن وأعلى وأخف وأغض وأخشع. قال تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) (طه : ١٠٨) وأجهر وأخفى وأمد وأخفض وألين من بعض ، ثم ذكر حديث عائشة المتفق عليه : «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يشتد عليه له أجران» (١) ومراده أن قراءته في الموضعين علمه وسعيه.
وذكر حديث قتادة : سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «كان يمد مدا» وفي رواية «يمد صوته مدا» ثم ذكر حديث قطبة بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قرأ في الفجر : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) (ق : ١٠) يمد بها صوته يعني فالمد والصوت له صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو عبد الله : فأما المتلو فقوله عزوجل الذي ليس كمثله شيء. قال تعالى : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) (الجاثية : ٢٩) وقال عبد الله بن عمر : يمثل القرآن يوم القيامة فيشفع لصاحبة قال أبو عبد الله : وهو اكتسابه وفعله. قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة : ٧ ، ٨).
ثم قال البخاري : فالمقروء كلام رب العالمين الذي قال لموسى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي) (طه : ١٤) إلا المعتزلة فإنهم ادعوا أن قول الله مخلوق ، وهذا خلاف ما عليه المسلمون ، ثم قال البخاري : فالقراءة هي التلاوة ، والتلاوة غير المتلو. قال وقد بينه أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ثم ذكر حديث «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : يقول العبد : الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي» (٢) الحديث ، فالعبد يقول : الحمد لله رب العالمين حقيقة تاليا لما قاله الله عزوجل ، فهذا قول الله الذي قاله وتكلم به
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه مسلم (٣٩٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.