(فصل منه)
واختلفت الفرق هل يسمع كلام الله على الحقيقة؟ فقالت فرقة : لا يسمع كلامه على الحقيقة إنما يسمع حكايته والعبارة عنه ، وهذا قول الكلابية ومن تبعهم. وقالت بقية الطوائف بل يسمع كلامه حقيقة ، ثم اختلفوا فقالت فرقة يسمعه كل أحد من الله ، وهذا قول الاتحادية. وقالت فرقة : بل لا يسمع إلا من غيره ، وعندهم يسمع كلام الله منه ، فهذا قول الجهمية والمعتزلة.
وقال أهل السنة والحديث يسمع كلامه سبحانه منه تارة بلا واسطة كما سمعه موسى وجبرائيل وغيره ، وكما يكلم عباده يوم القيامة ، ويكلم أهل الجنة ، ويكلم أهل الجنة ، ويكلم الأنبياء في الموقف ، ويسمع من المبلغ عنه كما سمع الأنبياء الوحي من جبرائيل تبليغا عنه ، وكما سمع الصحابة القرآن من الرسول صلىاللهعليهوسلم عن الله ، فسمعوا كلام الله بواسطة المبلغ ، وكذلك نسمع نحن بواسطة التالى.
فإذا قيل : المسموع مخلوق أو غير مخلوق؟ قيل إن أردت المسموع عن الله فهو كلامه غير مخلوق ، وإن أردت من المبلغ ففيه تفصيل ، فإن سألت عن الصوت الذي روى به كلام الله فهو مخلوق ، وإن سألت عن الكلام المؤدي بالصوت فهو غير مخلوق ، والذين قالوا إن الله يتكلم بصوت أربع فرق :
فرقة قالت : يتكلم بصوت مخلوق منفصل عنه ، وهم المعتزلة.
وفرقة قالت : يتكلم بصوت قديم لم يزل ولا يزال ، وهم السالمية والاقترانية.
وفرقة قالت : يتكلم بصوت قديم حادث في ذاته بعد أن لم يكن ، وهم الكرامية.
وقال أهل السنة والحديث : لم يزل الله متكلما بصوته إذا شاء.
والذين قالوا لا يتكلم بصوت فرقتان : اصحاب الفيض ، والقائلون إن الكلام معني قائم بالنفس.
* * *