فصل
(هل الكلام لله على الحقيقة أم مجاز؟!)
واختلفت الطوائف في مسمى الكلام ، فقالت هو حقيقة في المعنى ، مجاز في اللفظ ، وهذا قول الأشعري ، وقالت طائفة هو حقيقة في الألفاظ ، مجاز في المعنى ، وهذا قول المعتزلة ، وقالت طائفة : بل هو حقيقة في اللفظ والمعني ، فإطلاقه على اللفظ وحده حقيقة ، وعلى المعني وحده حقيقة ، وهذا قول أبي المعالى الجويني وغيره.
وقالت طائفة : بل الكلام حقيقة في الأمرين على سبيل الجمع ، فكل منهما جزء مسماه فدلالته عليهما بطريق المطابقة ، ودلالته على كل واحد منها بمفرده بطريق التضمن ، وهذا قول أكثر العقلاء ، فإنما استحق الاسم للفظه ومعناه ، كما أن الإنسان إنما استحق اسم الإنسان لجسمه ونفسه ، فمجموعهما هو الإنسان.
وقالت طائفة : بل هو حقيقة في النفس ، مجاز في البدن. وعكس ذلك طائفة. وقالت طائفة : يطلق علي كل منهما إنه إنسان بطريق الاشتراك.
والتحقيق أنه اسم لهذه الذات المركبة من النفس والبدن ، فهذا اختلافهم في الناطق ونطقه.
فصل
واتفقوا على أنه يمكن أن يوجد صوت بلا حرف ، واختلفوا هل يمكن وجود حرف نطقي بلا صوت؟ على القولين؟ وهي مسألة فقهية أصولية يبني عليها أن كل موضع اعتبر فيه النطق هل يشترط أن يسمع نفسه أو يكون بحيث لا يسمعها ، فشرط ذلك أصحاب الشافعي والمتأخرون من أصحاب أحمد ، ولم يشترطه أصحاب أبي حنيفة ، وهذا أقوى ، فإن حركة اللسان تميز الحروف بعضها من بعض وإن لم يكن هناك صوت ، وقد قال تعالي : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (القيامة : ١٦) فدل على أن تحريك اللسان بحروفه مقدور داخل تحت النهي.
* * *