فصل
كسر الطاغوت الرابع
(وهو : التعطيل)
في الاحتجاج بالأحاديث النبوية على الصفات المقدسة العلية ، وكسر
طاغوت أهل التعطيل الذين قالوا : لا يحتج بكلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم على
شيء من صفات ذي الجلال والإكرام
قالوا : الأخبار قسمان ، متواترة وآحاد ، فالمتواتر وإن كان قطعي السند لكنه غير قطعي الدلالة ، فإن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين ، وبهذا قدحوا في دلالة القرآن على الصفات ، والآحاد لا تفيد العلم. فسدّوا على القلوب معرفة الرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله من جهة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأحالوا الناس على قضايا وهمية ومقدمات خيالية سموها قواطع عقلية ، وبراهين نقلية ، وهي في التحقيق (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) (النور : ٣٩).
ومن العجب أنهم قدموها علي نصوص الوحي وعزلوا لأجلها النصوص ، والكلام على ذلك في عشر مقامات.
(أحدها) في بيان إفادة النصوص الدلالة القاطعة على مراد المتكلم ، وقد تقدم إشباع الكلام في ذلك.
(الثاني) أين هذه الأخبار التي زعموا أنها آحاد موافقة للقرآن مفسرة له مفصلة لما أجمله وموافقة للمتواتر منها (١).
__________________
(١) وانظر في ذلك «كتاب التوحيد» للإمام البخاري في «صحيحه» فلم يأت بحديث في باب من أبواب الكتاب إلا ويسبقه بآية تدل على المراد في الصفات الإلهية.
وفي ذلك يقول الحافظ في «الفتح» : الذي يظهر من تصرف البخاري أنه يسوق