فتفرقت بكم الطرق فناديتكم ألا هلم إلى الطريق فينادي مناد إنهم قد بدلوا بعدك فأقول ألا سحقا سحقا» (١).
وهذه الطرق التي تفرقت بهم هي الطرق والمذاهب التي ذهبوا إليها وأعرضوا عن طريقه ومذهبه صلىاللهعليهوسلم فلا يجوزون على الطريق التي هو عليها يوم القيامة كما لم يسلكوا الطريق التي كان عليها هو وأصحابه ، وقال عكرمة عن ابن عباس :
إياكم والرأى فإن الله رد على الملائكة الرأي وقال : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (البقرة : ٣٠) وقال لنبيه صلىاللهعليهوسلم (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) (النساء : ١٠٥) ولم يقل بما رأيت.
وقال بعض العلماء : ما أخرج آدم من الجنة إلا بتقديم الرأي على النص ، وما لعن إبليس وغضب عليه إلا بتقديم الرأي على النص ، ولا هلكت أمة من الأمم إلا بتقديم آرائها على الوحي ، ولا تفرقت الأمة فرقا وكانوا شيعا إلا بتقديم آرائهم على النصوص ، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا أيها الناس اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم برأي اجتهادا والله ما آلوا عن الحق وذلك يوم أبي جندل ، والكتاب بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين أهل مكة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال بل تكتب كما نكتب باسمك اللهم ، فرضي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبيت عليه حتى قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «تراني أرضى وتأبى» (٢) وقال ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (الحجرات : الأولى) قال لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.
* * *
__________________
(١) رواه مسلم (٢٢٩٥) ، والإمام أحمد (٦ / ٢٩٧).
(٢) رواه البخارى (٢٧٣١ ، ٢٧٣٢).