وحبه ، والمناظرة إذا انتهت إلى هذا الحد لم يبق فيها فائدة ، وينبغي العدول إلى ما الله أمر الله به رسوله من المباهلة ، قال تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (آل عمران : ٦١).
* * *
فصل : الحكم في خبر الآحاد
خبر الواحد بحسب الدليل الدال عليه ، فتارة يجزم بكذبه لقيام دليل كذبه وتارة يظن كذبه إذا كان دليل كذبه ظنيا. وتارة يتوقف فيه فلا يترجح صدقه ولا كذبه إذ لم يقم دليل أحدهما ، وتارة يترجح صدقه ولا يجزم به ، وتارة يجزم بصدقه جزما لا يبقى معه شك ، فليس خبر واحد يفيد العلم ولا الظن ، ولا يجوز أن ينفى عن خبر الواحد مطلقا أنه يحصل العلم ، فلا وجه لإقامة الدليل على أن خبر الواحد لا يفيد العلم وإلا اجتمع النقيضان ، بل نقول خبر الواحد يفيد العلم في مواضع :
(أحدها) خبر من قام الدليل القطعي على صدقه ، وهو خبر الواحد القهار جل وعلا وخبر رسوله صلىاللهعليهوسلم في كل ما يخبر به.
(الثاني) خبر الواحد بحضرة الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو يصدقه كخبر الخبر الذي أخبر بحضرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع» (١) فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتعجبا وتصديقا له ، وكخبر من أخبره أنه رأى السد مثل البرد المحبر فقال : «قد رأيته» ومن هذا ترتيبه صلىاللهعليهوسلم على خبر المخبر له مقتضاه كغزو من أخبر بنقض قوم العهد وخبر من أخبر عن رجل أنه شتمه ونال من عرضه فأمر بقتله.
__________________
(١) تقدم تخريجه.