مسلمة في إعطاء الجدة السدس ، وقد اتفق السلف والخلف على استعمال حكم هذه الأخبار حين سمعوها ، فدل ذلك من أمرها على صحة مخرجها وسلامتها ، وإن قد خالف فيها قوم فإنها عندنا شذوذ ولا يعتد بهم في الإجماع.
(قال) وإنما قلنا ما كان هذا سبيله من الأخبار فإنه يوجب العلم بصحة مخبره من قبل إنا إذا وجدنا السلف قد اتفقوا على قبول خبر هذا وصفه من غير تثبيت فيه ولا معارضة بالأصول أو يخبر مثله مع علمنا بمذاهبهم في قبول الأخبار والنظر فيها وعرضها على الأصول ، دلنا ذلك من أمورهم على أنهم لم يصيروا إلي حكمة إلا من حيث ثبت عندهم صحته واستقامته ، فأوجب لنا العلم بصحته ، هذا لفظ أبي بكر الرازي في كتابه «أصول الفقه».
ومن المعلوم لكل ذي حس سليم وعقل مستقيم استفاضة أحاديث الرؤية والنداء والنزول والتكليم وغيرها من الصفات ، وتلقي الأمة لها بالقبول أعظم بكثير من استفاضة حديث اختلاف المتبايعين ، وحديث لا وصية لوارث ، وحديث فرض الجدة ، بل لا نسبة بين استفاضة أحاديث الصفات واستفاضة هذه الأحاديث فهل يسوغ لعاقل أن يقول إن هذه توجب العلم وتلك لا توجبه ، إلا أن يكون مباهتا.
وقد صرح الشافعي في كتبه بأن خبر الواحد يفيد العلم ، نص على ذلك صريحا في كتابه «اختلاف مالك» ، ونصره في «الرسالة» المصرية على أنه لا يوجب العلم الذي يوجبه نص الكتاب والخبر المتواتر ، ونحن نذكر لفظه في الكتابين.
قال في «الرسالة» : فأما ما كان من سنة من خبر الخاصة الذي قد يختلف الخبر فيه فيكون الخبر محتملا للتأويل ، وجاء الخبر فيه من طريق الانفراد ، فالحجة فيه عندي أن يلزم العالمين حتى لا يكون لهم رد ما كان منصوصا منه كما يلزمهم أن يقبلوا شهادة العدول لا أن ذلك إحاطة كما يكون نص الكتاب وخبر العامة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولو شك في هذا شاك لم نقل له تب ، وقلنا ليس لك إن كنت عالما أن تشك كما ليس لك إلا أن تقضي بشهادة العدول وإن أمكن