وقال تعالى آمرا لنبيه صلىاللهعليهوسلم أن يقول (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) (الأحقاف : ٩) وقال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (الحجر : ٩) وقال تعالى (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) قالوا فعلم أن كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الدين كله وحي من عند الله ، وكل وحي من عند الله فهو ذكر أنزله الله ، وقد قال تعالى : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) (النساء : ١١٣) فالكتاب القرآن ، والحكمة السنة ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إني أوتيت الكتاب ومثله معه» (١) فأخبر أنه أوتي السنة كما أوتي الكتاب ، والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه وأنزل عليه ليقيم به حجته على العباد إلى آخر الدهر ، وقالوا فلو جاز على هذه الأخبار أن تكون كذبا لم تكن من عند الله ولا كانت مما أنزله الله على رسوله وآتاه إياه تفسيرا لكتابه وتبيينا له ، وكيف تقوم حجته على خلقه بما يجوز أن يكون كذبا في نفس الأمر ، فإن السنة تجري مجرى تفسير الكتاب وبيان المراد ، فهي التي تعرفنا مراد الله من كتابه ، فلو جاز أن تكون كذبا وغلطا لبطلت حجة الله على العباد ، ولقال كل من احتج عليه بسنة تبين القرآن وتفسيره : هذا في خبر واحد لا يفيد العلم فلا تقوم علي حجة بما لا يفيد العلم ، وهذا طرد هذا المذهب الفاسد. وأطرد الناس له أبعدهم عن العلم والإيمان.
والذي جاء يقضي منه العجب أنهم لا يرجعون إلى أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنها لا تفيد العلم ، ويرجعون إلى الخيالات الذهنية والشبهات الباطلة التي تلقوها عن أهل الفلسفة والتجهم والاعتزال ، ويزعمون أنها براهين عقلية. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ وقد قسم الأخبار إلى تواتر وآحاد فقال بعد ذكر التواتر : ـ
وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ، ولم يتوافر لفظه ولا معناه ، ولكن تلقته الأمة بالقبول عملا به أو تصديقا له كخبر عمر بن الخطاب «إنما الأعمال بالنيات» (٢) وخبر ابن عمر «نهي عن بيع الولاء
__________________
(١) تقدم تخريجه وهو صحيح.
(٢) رواه البخاري الحديث الأول في «صحيحه» ، ومسلم (١٩٠٧).