فأخبرونا من الذي نسخها وأبطلها ، وقد مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهي لازمة لنا غير منسوخة ، وهذا خلاف الإسلام والخروج منه جملة.
(فإن قالوا) لا يجوز أن يسقط حكم شريعة مات النبي صلىاللهعليهوسلم وهو لازم لنا ولم ينسخ ، قلنا لهم فمن أين أجزتم هذا النوع من الحفظ في الشريعة ، ولم تجيزوا تمام الحفظ للشريعة من أن لا تختلط بها باطل لم يأمر الله به قط اختلاطا لا يتميز معه الحق الذي أمر الله به من الباطل الذي لم يأمر به قط ، وهذا لا مخلص لهم منه ، ولا فرق بين من منع من سقوط شريعة حق أو أجاز اختلاطها بالباطل ، وبين ومن منع من اختلاط الحق في شريعة بالباطل ، وأجاز سقوط شريعة حق ، وكل هذا باطل لا يجوز البتة وممتنع ، قد أمنا كونه ولله الحمد.
وإذا صح هذا فقد ثبت يقينا أن خبر الواحد العدل عن مثله مبلغا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حق مقطوع به موجب للعلم والعمل جميعا. قال : وأيضا فإن الله تعالى قال : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل : ٤٤) وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة : ٦٧) فنسألهم هل بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أنزل إليه من ربه أم لم يبين ، وهل بلغ ما أنزل إليه أم لم يبلغ ، فلا بد من أحد أمرين : فمن قولهم إنه بلغ ما أنزل إليه وبينه للناس ، وأقام الحجة على من بلغه ، فنسألهم عن ذلك التبليغ وذلك البيان ؛ أهما باقيان عندنا وإلى يوم القيامة ، أم هما غير باقيين؟ فإن قالوا بل هما باقيان إلى يوم القيامة ، رجعوا إلى قولنا وأقروا أن الحق من كل ما أنزل الله في الدين مبين مما لم ينزله ، مبلغ إلينا وإلى يوم القيامة.
وهذا هو نص قولنا في أن خبر الواحد العدل (عن) مثله مسندا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حق مقطوع بغيبه موجب للعلم والعمل ، وإن قالوا بل هما غير باقيين ، دخلوا في عظيمة وقطعوا بأن كثيرا من الدين قد بطل ، وأن التبليغ قد سقط في كثير من الشرائع ، وأن بيان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لكثير من الدين قد ذهب ذهابا لا