الصلاة والسلام في بلوغه إلينا وإلى يوم القيامة؟ فإن قالوا بل هي له مع من شاهده خاصة لا في بلوغ الدين من بعدهم ، قلنا لهم إذا قد جوزتم بطلان العصمة في تبليغ الدين بعد موته ، وجوزتم وجود الداخلة والفساد والبطلان والزيادة والنقصان والتحريف في الدين ، فمن أين وقع لكم الفرق بين ما جوزتم من ذلك بعده وبين ما منعتم من ذلك في حياته ، فإن قالوا لأنه يكون غير مبلغ لما أمروا به ولا معصوم والله تعالى يقول : (بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (المائدة : ٦٧) (قيل) نعم وهذا التبليغ المفترض عليه الذي هو معصوم فيه ـ بإجماعكم معنا ـ من الكذب والوهم هو إلينا كما هو إلى الصحابة ولا فوق ، والدين لازم لنا كما هو لازم لهم سواء ، فالعصمة واجبة في تبليغ للديانة باقية مضمونة ولا بد إلى يوم القيامة ، والحجة قائمة بالدين علينا وإلى يوم القيامة كما كانت قائمة على الصحابة سواء ، ومن أنكر هذا فقد قطع بأن الحجة علينا في الدين غير قائمة ، والحجة لا تقوم بما لا يدرى أحق هو أم أكذب.
ثم نقول وكذلك قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) (الحجر : ٩ ، المائدة : ٣ ، آل عمران : ٨٥ ، البقرة : ٢٥٦) وإن ادعوا إجماعا ، قيل من الكرامية من يقول إنه صلىاللهعليهوسلم غير معصوم في تبليغ الرسالة ، فإن قالوا ليس هؤلاء ممن يعد في الإجماع (قلنا لهم) صدقتم ولا يعد في الإجماع من قال إن الدين غير محفوظ ، وإن كثيرا من الشرائع التي أنزل الله تعالى قد بطلت واختلطت بالباطل الموضوع والموهوم فيه اختلاطا لا يتميز به الرشد من الغي ، ولا دين الله تعالى من دين إبليس.
(وإن قالوا) إن الفضيلة بعصمة ما أتى به النبي صلىاللهعليهوسلم من الدين باقية إلى يوم القيامة ، صاروا إلى الحق الذي هو قولنا ولله الحمد.
(فإن قيل) إن صفة كل مخبر وطبيعته أن خبره يجوز فيه الصدق والكذب والخطأ ، وقولكم بأن خبر الواحد العدل في الشريعة يوجب العلم إحالة الطبيعة وخرق العادة فيه.
(قلنا) لا ينكر من الله تعالى إحالة ما شاء من الطبائع إذا صح البرهان به ،