وأيضا ففيه إبطال لأكثر الشرائع التي لا يشك مسلم ولا غير مسلم في أنها ليس في القرآن مبينة كالصلاة والزكاة والحج وغير ذلك ، وأنا إنما تلقيناها من كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
فهذه ثلاثة أقوال كما ترى لا رابع لها إما أن يكون كل خبر نقله العدل عن العدل مبلغا به النبي صلىاللهعليهوسلم كذبا كلها أولها عن آخرها ، أو يكون فيها حق وباطل إلا أنه لا سبيل لنا إلى تمييز الحق من الباطل أبدا ، وهذا تكذيب لله في إخباره بحفظ الذكر المنزل بإكماله لنا الدين ، وبأنه لا يقبل منا إلا دين الإسلام لا شيء ولا سواه ، وفيه أيضا إفساد الدين واختلاطه بما لم يأمر الله به ولا سبيل لأحد في العالم أن يعرف ما أمر الله به في دينه مما لم يأمر به أبدا ، وأن حقيقة الإسلام قد بطلت بيقين ، وهذا انسلاخ ، من الإسلام ، أو أنها كلها حق مقطوع على غيبها عند الله تعالى موجبة كلها العلم بإخبار الله بأنه حافظ لما أنزل من الذكر ولتحريمه تعالى الحكم في الدين بالظن والقول عليه بما لا علم لنا ، ولإخباره تعالى أنه قد تبين الرشد من الغي ، وليس الرشد إلا ما أنزله الله تعالى على لسان نبيه صلىاللهعليهوسلم وفي فعله ، وليس الغي إلا ما لم ينزله الله تعالى عن لسان نبيه. وهذا قولنا انتهى كلامه.
* * *
فصل
(الأدلة على أن خبر الواحد العدل يفيد العلم)
ومما يبين أن خبر الواحد العدل يفيد العلم أدلة كثيرة :
(أحدها) أن المسلمين لما أخبرهم الواحد وهم بقباء في صلاة الصبح أن القبلة قد حولت إلى الكعبة قبلوا خبره وتركوا الحجة التي كانوا عليها واستداروا إلى القبلة ، ولم ينكر عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بل شكروا على ذلك وكانوا على أمر مقطوع به من القبلة الأولى ، فلو لا حصول العلم لهم بخبر الواحد لم يتركوا المقطوع به المعلوم لخبر لا يفيد العلم ، وغاية ما يقال فيه أنه خبر اقترنته قرينة ،