وما يقول هذا إلا جاهل ضال مبتدع كذاب يريد أن يهجن بهذه الدعوة الكاذبة صحاح أحاديث النبي صلىاللهعليهوسلم وآثاره الصادقة ، فيغالط جهال الناس بهذه الدعوى وما احتج مبتدع في رد آثار رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحجة أوهن ولا أشد استحالة من هذه الحجة ، فصاحب هذه الدعوى يستحق أن يسف في فيه وينفى من بلد الإسلام.
فتدبر رحمك الله أيجعل حكم من أفنى عمره في طلب آثار أنبي صلىاللهعليهوسلم شرقا وغربا ، برا وبحرا ، وارتحل في الحديث الواحد فراسخ ، واتهم أباه وأدناه في خبر يرويه عن النبي صلىاللهعليهوسلم إذا كان موضع التهمة ، ولم يحابه في مقال ولا خطاب غضبا لله وحمية لدينه ، ثم ألف الكتب في معرفة المحدثين وأسمائهم وأنسابهم وقدر أعمالهم ، وذكر أعصارهم وشمائلهم وأخبارهم ، وفصل بين الرديء والجيد ، والصحيح والسقيم ، حبا لله ورسوله ، وغيرة على الإسلام والسنة ، ثم استعمل آثاره كلها حتى فيما عدا العبادات من أكله وطعامه وشرابه ويقظته وقيامه وقعوده ودخوله وخروجه ، وجميع سننه وسيرته حتى في خطراته ولحظاته ، ثم دعا الناس إلى ذلك وحثهم عليه وندبهم إلى استعماله وحبب إليهم ذلك بكل ما يملكه حتى في بذل ماله ونفسه كمن أفنى عمره في اتباع أهوائه وإرادته وخواطره وهواجسه ، ثم تراه ما هو أوضح من الصبح من سنة النبي صلىاللهعليهوسلم وأشهر من الشمس برأي دخيل ، واستحسان ذميم ، وظن فاسد ، ونظر مشوب بالهوى.
فانظر وفقك الله للحق : أي الفريقين أحق أن ينسب إلى اتباع السنة واستعمال الأثر.
فإذا قضيت بين هذين بوافر لبك وصحيح نظرك ، وثاقب فهمك فليكن شكرك لله تعالى على حسب ما أراك من الحق ووفقك للصواب وألهمك من السداد.
(قلت) ومن المعلوم أن من هذا عنايته بسنة رسول الله ، وسيرته وهديه فإنها تفيد عنده من العلم الضروري والنظري ما لا تفيده عند المعرض عنها