قال القاضي أبو الطيب : وليس عنده مسئلة تدل على أن كل مجتهد مصيب وأقوال الصحابة كلها صريحة أن الحق عند الله في واحد من الأقوال المختلفة وهو دين الله في نفس الأمر الذي لا دين له سواه.
وليس الغرض استقصاء هذه المسألة بل المقصود أن الخطأ يقع فيما سموه فروعا كما يقع فيما جعلوه أصولا فنطالبهم بفرق صحيح بين ما يجوز إثباته بخبر الواحد من الدين وما لا يجوز ولا يجدون إلى الفرق سبيلا إلا بدعاو باطلة ثم نطالبهم بالفرق بين مسائل الأصول والفروع وما ضابط ذلك ، ثم نطالبهم بالفرق بين ما يأثم جاحده أهو إثم كفر أو فسوق وما لا يأثم جاحده ، ونطالبهم بالفرق بين ما المطلوب منه القطع اليقيني ، وما يكتفي فيه الظن ولا سبيل لهم إلى تقرير شيء من ذلك البتة.
قال الجويني وقد تكلموا في الفرق بين الأصول والفروع فقالوا : الأصل ما فيه دليل قطعي والفرع بخلافه.
(قلت) وهذا يلزم منه الدور فإنه إذا قيل لا تثبت الأصول إلا بالدليل القطعي ثم قيل والأصل ما عليه دليل قطعي كان ذلك دورا ظاهرا.
وأيضا فإن كثير من المسائل العملية بل أكثرها عليها أدلة قطعية كوجوب الطهارة والصلاة والصيام والحج والزكاة ونقض الوضوء بالبول والغائط ووجوب الغسل بالاحتلام ، وهكذا أكثر الشريعة أدلتها قطعية ، وكثير من المسائل التي هي عندهم أصول أدلتها ظنية.
وهكذا في أصول الدين وأصول الفقه أكثر من أن يذكر ، كالقول بالمفهوم والقياس ، وتقدمهما علي العموم والأمر بعد الخطر ومسئلة انقراض العصر ، وقول الصحابي ، والاحتجاج بالمراسيل وشرع من قبلنا ، وأضعاف ذلك.
وكذلك أصول الدين كمسألة الحال وبقاء الرب تعالى وقدمه هل هي بيضاء وقدم زائدين على الذات والوجود الواجب ، هل هي من نفس الماهية أو زائدة