مما قبله باطل أيضا ، فإن كان كثيرا من مسائل الفروع قطعيا وإن كان فيها خلاف وإن كان لا يأثم المخطئ فيها لخفاء الدليل عليه وإن كان قطعيا فلا يلزم الاشتراك في القطعيات ، وقد سلم القاضي ذلك فيما إذا خفي عليه النص.
* * *
فصل
وقد ذكر بعضهم ، فرقا آخر فقال : «الأصوليات» : هي المسائل العمليات ، «والفروعيات» هي المسائل العلمية المطلوب منها أمران : العلم والعمل ، والمطلوب من «العمليات» العلم والعمل أيضا ، وهو حب القلب وبغضه وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته ، وبغضه الباطل الذي يخالفها ، فليس العمل مقصورا على عمل الجوارح ، بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح ، وأعمال الجوارح تبع فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه وذلك عمل بل هو أصل العمل ، وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل الإيمان ، حيث ظنوا أنه مجرد التصديق دون الأعمال ، وهذا من أقبح الغلط وأعظمه ، فإن كثيرا من الكفار كانوا جازمين بصدق النبي صلىاللهعليهوسلم غير شاكين فيه ، غير أنه لم يقترن بذلك التصديق عمل القلب من حب ما جاء به والرضا به وإرادته والموالاة والمعاداة عليه.
فلا تهمل هذا الموضوع فإنه مهم جدا ، به تعرف حقيقة الإيمان.
فالمسائل العلمية عملية ، والمسائل العملية علمية فإن الشارع لم يكتف من المكلفين في العمليات بمجرد العمل دون العلم ، ولا في العلميات بمجرد العلم دون العمل.
وفرّق آخرون بين الأصول والفروع بأن مسائل الأصول هي التي يكفر جاحدها كالتوحيد والرسالة والمعاد وإثبات الصفات ، ومسائل الفروع ما لا يكفر جاحدها ، كوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة واشتراط الطمأنينة ووجوب مسح الرأس كله في الوضوء ونحو ذلك ، وهذا الفرق غير مطرد ولا منعكس ، فإن