كثيرا من مسائل الفروع يكفر جاحدها ، وكثير من مسائل الأصول لا يكفر جاحدها كما تقدم بيانه.
وأيضا فالتكفير حكم شرعي ، فالكافر من كفره الله ورسوله ، والكفر جحد ما علم أن الرسول جاء به ، سواء كان من المسائل التي تسمونها عملية أو علمية ، فمن جحد ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم بعد معرفته بأنه جاء به فهو كافر في دق الدين وجله.
وفرق آخرون بين الأصول والفروع بأن الأصول ما تتعلق بالخبر ، والفروع ما تتعلق بالطلب ، وهذا الفرق غير خارج عن الفروق المتقدمة ، وهر فاسد أيضا ، فإن العبد مكلف بالتصديق بهذا وهذا ، وعلما وإيمانا وحبا ورضا ، وموالاة عليه ومعاداة كما تقدم.
وفرق آخرون بينهما بأن مسائل الأصول هي ما لا يسوغ التقليد فيها ، ومسائل الفروع يجوز التقليد فيها ، وهذا مع أنه دور ممتنع فإنه يقال لهم : ما الذي يجوز فيه التقليد؟ فيقولون مسائل الفروع ، والذي لا يجوز التقليد فيه مسائل الأصول ، وهو أيضا فاسد طردا وعكسا ، فإن كثيرا من مسائل الفروع لا يجوز التقليد فيها كوجوب الطهارة والصلاة والزكاة وتحريم الخمر والربا والفواحش والظلم ، فإن من لم يعلم أن الرسول صلىاللهعليهوسلم جاء بذلك وشك فيه لم يعرف أنه رسول ، كما أن من لم يعلم أنه جاء بالتوحيد وتصديق المرسلين وإثبات معاد الأبدان وإثبات الصفات والعلو والكلام ، لم يعرف كونه مرسلا فكثير من المسائل الخبرية الطلبية يجوز فيها التقليد للعاجز عن الاستدلال ، كما أن كثيرا من المسائل العملية لا يجوز فيها التقليد.
فتقسيم الدين إلي ما يثبت بخبر الواحد وما لا يثبت به تقسيم غير مطرد ، ولا منعكس ولا عليه دليل صحيح.
وأيضا فالتقليد قبول قول الغير بغير حجة ، ومن قبل قول غيره فيما يحكيه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه جاء به خبرا أو طلبا ، فإنما قبل قوله لما أسنده إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذه حجة لكن تقدير مقدماتها ودفع الشبه المعارضة لها قد لا يقدر