وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر : ٤٥).
ومنها : أن أهل السنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق فلهم نصيب وافر من العلم والرحمة وربهم تعالى وسع كل شيء رحمة وعلما ، وأهل البدع يكذبون بالحق ويكفرون الخلق ، فلا علم عندهم ولا رحمة ، وإذا قامت عليهم حجة أهل السنة عدلوا إلى حبسهم وعقولهم إذا أمكنهم ، ورثوا فرعون فإنه لما قامت عليه حجة موسى ولم يمكنه عنها جواب قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ، ومنها : أن أهل السنة إنما يوالون ويعادون على سنة نبيهم صلىاللهعليهوسلم وأهل البدع يوالون ويعادون على أقوال ابتدعوها ، ومنها : أن أهل السنة لم يؤصلوا أصولا حكموها وحاكموا خصومهم إليها وحكموا على من خالفها بالفسق والتكفير ، بل عندهم الأصول كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم وما كان عليه الصحابة.
ومنها : أن أهل السنة إذا قيل لهم قال الله قال رسوله صلىاللهعليهوسلم وقفت قلوبهم عند ذلك ولم تعده إلى أحد سواه ، ولم تلتفت إلى ما ذا قال فلان وفلان ، وأهل البدع بخلاف ذلك.
ومنها : أن أهل البدع يأخذون من السنة ما وافق أهواءهم ، صحيحا كان أو ضعيفا ويتركون ما لم يوافق أهواءهم من الأحاديث الصحيحة ، فإذا عجزوا عن رده نفوه عوجا بالتأويلات المستنكرة التي هي تحريف له عن مواضعه ، وأهل السنة لهم هوى في غيرها.
* * *
فصل
(اختلاف درجة الدليل باختلاف فهم المستدل)
وأما المقام السابع : وهو أن كون الدليل من الأمور الظنية أو القطعية أمر نسبي يختلف باختلاف المدرك المستدل ، ليس هو صفة للدليل في نفسه ، فهذا أمر لا ينازعه فيه عاقل ، فقد يكون قطعيا عند زيد ما هو ظني عند عمرو ، فقولهم إن أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصحيحة المتلقاة بين الأمة بالقبول لا تفيد العلم ، بل هي