ظنية هو إخبار عما عندهم ، إذا لم يحصل لهم من الطرق التي استفاد بها العلم أهل السنة ما حصل لهم ، فقولهم لم نستفد بها العلم ، لم يلزم منها النفي العام على ذلك بمنزلة الاستدلال على أن الواجد للشيء العالم به غير واجد له ولا عالم به ، فهو كمن يجد من نفسه وجعا أو لذة أو حبا أو بغضا فينتصب له من يستدل على أنه غير وجع ولا متألم ولا محب ولا مبغض ، ويكثر له من الشبه التي غايتها إني لم أجد ما وجدته ، ولو كان حقا لاشتركت أنا وأنت فيه ، وهذا عين الباطل ، وما أحسن ما قيل :
أقول للائم المهدي ملامته |
|
ذق الهوى وإن استطعت الملام لم |
فيقال له اصرف عنايتك إلى ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم والحرص عليه وتتبعه وجمعه ومعرفة أحوال نقلته وسيرتهم ، وأعرض عما سواه واجعله غاية طلبك ونهاية قصدك بل احرص عليه حرص أتباع أرباب المذاهب على معرفة مذاهب أئمتهم بحيث حصل لهم العلم الضروري بأنها مذاهبهم وأقوالهم ، ولو أنكر ذلك عليهم منكر لسخروا منه ؛ وحينئذ تعلم هل تفيد أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم العلم أو لا تفيده فأما مع إعراضك عنها وعن طلبها فهي لا تفيدك علما ، ولو قلت لا تفيدك أيضا ظنا لكنت مخبرا بحصتك ونصيبك منها.
* * *
فصل
(انعقاد الإجماع على قبول أحاديث الآحاد)
وأما المقام الثامن : وهو انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث وإثبات صفات الرب تعالى بها ، فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول ، فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث وتلقاها بعضه عن بعض بالقبول ولم ينكرها أحد منهم على من رواها ، ثم تلقاها عنه جميع التابعين من أولهم إلي آخرهم ، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول والتصديق لهم ، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك وكذلك تابع التابعين مع التابعين.
هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث كما يعلمون عدالة الصحابة وصدقهم وأمانتهم ونقلهم ذلك عن نبيهم صلىاللهعليهوسلم كنقلهم الوضوء والغسل من الجنابة وأعداد