أعلم الصحابة بالحديث وأحفظهم له ، وكان قارئا للقرآن ، وكان عربيا ، والعربية طبعه ؛ وكان الصحابة يرجعون إلى روايته ويعملون بها. نعم كان فقهه نوعا آخر غير الخواطر والآراء.
قال الشافعي : ناظرت محمدا في مسئلة المصراة فذكرت الحديث ، فقال هذا خبر رواه أبو هريرة ، وكان الذي جاء به شرا مما فر منه أو كما قال.
وطائفة ثانية عشر : ردوا الحديث إذا خالف ظاهر القرآن بزعمهم ، وجعلوا هذا معيارا لكل حديث خالف آراءهم ، فأخذوا عموما بعيدا من الحديث لم يقصد به فجعلوه مخالفا للحديث وردوه به ؛ فردوا حديث ابن عمر في خيار المجلس بمخالفة قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) وردوا أحاديث القرعة لمخالفة ظاهر قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) وردوا حديث عمران بن الحصين فيمن أعتق ستة أعبد في مرض موته لمخالفة ظاهر قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وردوا أحاديث فاطمة بنت قيس لمخالفة ظاهره قوله : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) وردوا أحاديث رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة لمخالفة ظاهر قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) وردوا أحاديث الشفاعة لمخالفة ظاهر قوله : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) وردوا حديث العرايا والمصراة لمخالفة ظاهر الربا لهما ، وردوا حديث «لعن الله المحلل والمحلل له» (١) بظاهر قوله : (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) وردوا حديث «من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به» (٢) بظاهر قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وردوا حديث «النهي عن بيع الرطب بالتمر» (٣) بظاهر قوله : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وردوا حديث
__________________
(١) [صحيح] رواه الإمام أحمد (٢ / ٣٢٣) ، وأبو داود (٢٠٧٦ ، ٢٠٧٧) والترمذي (١١١٩ ، ١١٢٠) ، وابن ماجه (١٩٣٤ ، ١٩٣٥ ، ١٩٣٦) ، والحاكم (٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩) وصححه ووافقه الذهبي ، وانظر «إرواء الغليل» (٦ / ٣٠٧) للألباني ، و «التلخيص الحبير» (٣ / ١٧٠) للحافظ ابن حجر.
(٢) رواه مسلم (١٥٥٩) ، والإمام أحمد (٢ / ٣٤٧ ، ٤١٠ ، ٤٦٨).
(٣) رواه مسلم (١٦١٤).