وقال الشافعي : قال الله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (القيامة : ٣٦) فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمت أن السدي هو الذي لا يؤمر ولا ينهي ومن أفتى أو حكم بما لم يؤمر به فقد أجاز لنفسه أن يكون في معنى السدي.
قال : وقد جعل الله الحق في كتابه ثم سنة نبيه صلىاللهعليهوسلم فليست تنزل بأحد نازلة إلا والكتاب يدل عليها نصا أو جملة ، ثم ذكر بعض ما حرم الله تفصيلا.
قال : والجملة ما فرض الله من صلاة وزكاة وحج ، فدل رسول الله صلىاللهعليهوسلم كيف الصلاة وعددها ووقتها والعمل فيها ، وكيف الزكاة وفي أي المال وفي أي وقت هي وكم قدرها وكيف الحج والعمل فيه وما يدخل به فيه ويخرج به منه.
وقد صنف الإمام أحمد كتابا سماه كتاب «طاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم» رد فيه على من احتج بظاهر القرآن وترك ما فسره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودل على معناه ، رواه عنه ابنه صالح ، قال في أوله :
إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمدا صلىاللهعليهوسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأنزل عليه كتابا هاديا له ولمن تبعه ، وجعل رسوله صلىاللهعليهوسلم الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه ، وخاصه وعامه وناسخه ومنسوخه ، وما قصد به الكتاب ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو المعبر عن كتاب الله الدال علي معانيه ، وشاهده في ذلك أصحابه ، ونقلوا ذلك عنه ، وكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال جابر بن عبد الله ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أظهرنا ، عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ، وما عمل به من شيء علمنا وقال قوم : بل نستعمل الظاهر : وتركوا الاستدلال برسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يقبلوا أخبار أصحابه. وقال ابن عباس للخوارج : أتيتكم من عند أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصهره وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد ، ثم ساق النصوص الموجبة لمتابعة الرسول ، ثم ذكر الآيات التي فسرت السنة مجملها.
المقصود أن أئمة الإسلام جميعهم على هذه الطريقة ، الأخذ بحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا صح ، ولم يأت بعده حديث آخر ينسخه ، سواء عرفوا من عمل به