ظاهرها باطل ، والمراد منها تطلب أنواع التأويلات المستكرهة المستنكرة لها التى لا يفهم منها بل يفهم منها ضدها؟ وقال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل : ٤٤) فأين بيّن الرسول صلىاللهعليهوسلم ما يقوله النفاة والمتأولون؟ وقال تعالى : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (الأحزاب : ٤) وعند النفاة إنما حصلت الهداية بأبكار أفكارهم ونتائج آرائهم ، وقال تعالى : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (المرسلات : ٥٠) وعند النفاة المخرجين لنصوص الوحى عن إفادة اليقين ، إنما حصل اليقين بالحديث الذي أسسه الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم ، فبه اهتدوا ، وبه آمنوا ، وبه عرفوا الحق من الباطل ، وبه صحت عقولهم ومعارفهم ، وقال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء : ٨٢) وأنت لا تجد الخلاف في شيء أكثر منه في آراء المتأولين التى يسمونها قواطع عقلية ، وهى عند التحقيق خيالات وهمية نبذوا بها القرآن والسنة وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ* وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ* أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ* إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (الأنعام : ١١٢ : ١١٧).
* * *
فصل
في بيان أنه مع كمال علم المتكلم وفصاحته وبيانه ونصحه
يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلاف ظاهره وحقيقته
ويكتفى من هذا الفصل بذكر مناظرة جرت بين جهمي وسني حدثني بمضمونها شيخنا ابن تيمية أنه جمعه وبعض الجهمية مجلس فقال الشيخ :