كيف يكون مذهب النفاة المعطلة أصحاب التحريف هو الصواب ، وقول أهل الإثبات أتباع القرآن والسنة باطلا؟
(لمحة عن مناظرة للمصنف مع أهل الكتاب) (*)
قال المصنف : وقريب من هذه المناظرة ما جرى لي مع بعض علماء أهل الكتاب. وأفضى بنا الكلام إلى مسبة النصارى لرب العالمين مسبة ما سبه إياها أحد من البشر ، فقلت له : وأنتم بإنكاركم نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم قد سببتم الرب تعالى أعظم مسبة ، قال : وكيف ذلك؟ قلت : لأنكم تزعمون أن محمدا ملك ظالم ليس برسول صادق ، وأنه خرج يستعرض الناس بسيفه فيستبيح أموالهم ونساءهم وذراريهم ، ولا يقتصر على ذلك حتى يكذب على الله ويقول : الله أمرني بهذا وأباحه لي ، ولم يأمره الله ولا أباح له ذلك ، ويقول أوحى إلى ولم يوح إليه شيء ، وينسخ شرائع الأنبياء من عنده ، ويبطل منها ما شاء ويبقى منها ما شاء ، وينسب ذلك كله إلى الله ، ويقتل أولياءه وأتباع رسله ، ويسترق نساءهم وذريتهم ، فإما أن يكون الله تعالى رائيا لذلك كله عالما به ، أو لا؟ فإن قلتم : إن ذلك بغير علمه واطلاعه نسبتموه إلى الجهل والغباوة.
وذلك من أقبح السب. وإن كان عالما به ، فإما أن يقدر على الأخذ على يديه ومنعه من ذلك ؛ أو لا؟ فإن قلتم : إنه غير قادر على منعه نسبتموه إلى العجز فإن قلتم : بل هو قادر على منعه ولم يفعل ، نسبتموه إلى السفه والظلم ، هذا هو من حين ظهر إلى أن توفاه ربه يجيب دعاءه ويقضي حوائجه ، ولا يقوم له عدو إلا أظفره به ، وأمره من حين ظهر إلى أن توفاه الله تعالى يزداد على الليالي والأيام ظهورا وعلوا ورفعة ، وأمر مخالفيه لا يزداد إلا سفولا واضمحلالا ، ومحبته في قلوب الخلق تزيد على ممر الأوقات ، وربه تعالى يؤيده بأنواع التأييدات ، هذا هو عندكم من أعظم أعدائه وأشدهم ضررا على الناس ، فأى
__________________
(*) أورد المصنف هذه المناظرة في كتابه «هداية الحيارى» بأوسع مما هنا في الوجه التاسع والثلاثون من باب «نبؤات عن محمد صلىاللهعليهوسلم في الكتب المتقدمة» ، فانظره بتحقيقنا طبعة نزار البار بمكة المكرمة.