والناسخ والمنسوخ كما يلاحظ عند مراجعة تراجمهم في كتب الرجال ، وليس الشافعي أقدم منهما زماناً ، فقد ولد عام ١٥٠ هـ بعد وفاة الصادق عليه السلام بينما يونس بن عبد الرحمن أدرك الصادق عليه السلام وتوفي الشافعي عام ٥٠٢ هـ مقارباً لوقت وفاة يونس بن عبد الرحمن ، فلم يثبت أن الواضع الأول لعلم الأصول هو مدرسة أهل السنة ، بل الشيعة كتبت في علم الأصول في نفس الفترة الزمنية لولادته عند أهل السنة ، ثم جاء أبو سهل النوبختي وكتب رسالتين : احداهما في بطلان القياس والعمل بخبر الواحد ، والأخرى في مناقشة رسالة الشافعي ، ثم توسع علم الأصول على يد ابن الجنيد والمفيد والمرتضى في الذريعة والطوسي في العدة ، وبذلك يتبين لنا أيضاً عدم كون ابن الجنيد هو أول مؤلف شيعي في علم الأصول .
٢ ـ إن نسبة العمل بالقياس لابن الجنيد وردت في عدة كتب ولكننا نحتمل أن تكون النسبة في غير محلها بمقتضى تتبعنا لاستعمال كلمة القياس ، فلعل المراد بهذه الكلمة هو ما نعبر عنه بالموافقة الروحية للكتاب والسنة .
بيان ذلك : إن معظم الأصوليين المتأخرين فسروا الأحاديث الآمرة بعرض الخبر على الكتاب والسنة نحو : « ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف فذروه » (١) بالموافقة والمخالفة النصية ، بمعنى أن يعرض الخبر على آية قرآنية معينة فإن كانت النسبة بينهما هي التباين أو العموم من وجه طرح الخبر ، وإن كانت النسبة هي التساوي أو العموم المطلق أخذ ، ولكننا نفهم أن المراد بالموافقة الموافقة الروحية أي توافق مضمون الحديث مع الأصول الإِسلامية العامة المستفادة من الكتاب والسنة ، فإذا كان الخبر مثلاً ظاهره الجبر فهو مرفوض لمخالفته قاعدة الأمر بين الأمرين المستفادة من الكتاب والسنة بدون
__________________
(١) البحار ٢ : ٢٣٥ / ٢٠ ، الوسائل ٢٧ : ١١٨ / ٣٣٣٦٢ .