فلم يكن للوجود الواحد ماهيتان في عرض واحد بل يكون له ماهيتان طوليتان .
فمثلاً الدينار وجود واحد له ماهيتان ، ماهية تكوينية وهي ماهيته القرطاسية الورقية وماهية اعتبارية وهي كونه الوسيط في تبادل السلع وميزاناً لتقييم الاشياء ، كذلك لفظة حاتم تشير الى حصول ماهيتين لأمر واحد ، ماهية انسانية وهي شخص عربي من بني طي وماهية اعتبارية وهي كونه القدوة في الكرم والجود .
فكذلك في محل كلامنا نتيجة كثرة استعمال اللفظ في المعنى يحصل للفظ ماهيتان طوليتان ، ماهيته الذاتية وهو كونه من مقولة الكيف المسموع وماهيته العرضية وهي صورة المعنى المندمجة في صورة اللفظ ، فيكون وجود اللفظ وجوداً لماهيته التكوينية الكيفية وحضوراً لماهيته المعنوية وهي صورة المعنى ، وهذا ما يعبر عنه الفلاسفة بالوجود اللفظي للمعنى ، حيث يقولون إن للمعنى أربعة وجودات :
١ ـ الوجود الخارجي المحمولي للمعنى .
٢ ـ الوجود الذهني له وهي صورته المنطبعة في الذهن .
٣ ـ الوجود اللفظي له .
٤ ـ الوجود الكتبي .
فاعتبار وجود اللفظ عندهم وجوداً للمعنى دليل على حصول علاقة الهوهوية والاندماج بين صورة اللفظ وصورة المعنى ، بحيث أن حضور اللفظ خارجاً حضور للمعنى بلا حاجة لتصور اللفظ أولاً ثم الانتقال منه لتصور المعنى كما هو مبنى السببية والتلازم .
الثانية : ما ورد في ألسنة الاصوليين من حصول
الفناء بين اللفظ والمعنى ، فاللفظ قد فني في المعنى الى درجة أن اللفظ صار ما به ينظر والمعنى ما فيه ينظر ، فإذا ذكر اللفظ ينتقل الذهن للمعنى عبر اللفظ مع عدم التفاته