بالفاظه وقصصه وايجابياته على حاتم فإنه يؤدي بالنتيجة لاكتساب اللفظ ماهية اعتبارية وهي ماهية الكرم مضافاً لماهيتة التكوينية .
فالخلاصة : أن كثرة حمل اللفظ على المعنى مع مساهمة بعض العوامل الأخرى أدت لحصول الهوهوية والاندماج بين صورتي اللفظ والمعنى ، فصار اللفظ وجهاً للمعنى فانياً فيه والمعنى تتجلى صورته من نفس صورة اللفظ .
وهذا الاندماج الحاصل نتيجة تأكد الحمل له عدة ثمرات علمية في الفكر الاصولي والفقهي ، فمثلاً في مبحث الاحكام الوضعية قد ذهب الشيخ الانصاري الى كونها منتزعة من الاحكام التكليفية بل نقل عن بعضهم العينية وأن الاحكام الوضعية هي عين الاحكام التكليفية (١) ، ونحن نرىٰ رجوع القولين لمسلك واحد وهو مسلك الاندماجية بين الحكمين ، وذلك لأن حمل احكام على محور واحد بصورة متكررة يؤدي لحصول الاندماج بينهما واستبطان احدهما للآخر .
فاستبطان الملكية مثلاً لجواز التصرف الحسي والاعتباري وترتب جميع شؤون السلطنة حصل نتيجة كثرة حمل هذه الأحكام على محور واحد وهو العقد المفيد للملكية ، فكثرة حمل الأحكام القانونية على العقد أدى لاندماج هذه الأحكام التكليفية في ماهية الملكية واقترانهما كماهية واحدة ، بحيث اصبح أنه لا معنى للملكية الا جواز التصرفات ولا معنى لها الا بالملكية .
وكذلك في مبحث مقدمة الواجب حيث اخترنا هناك أن وجوب المقدمة وجوب شرعي لا عقلي كما ذهب له الاستاذ السيد الخوئي ( قده ) ، لكن على نحو الوجوب الاندماجي المستبطن في نفس وجوب ذي المقدمة ، فكأن كثرة حمل وجوب المقدمة وتعليقه على مورد وجوب ذيها وربطه به أنتج اندكاك الوجوب الغيري في النفسي علىٰ نحو الوجوب الواحد اثباتاً .
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٠١ .