كافية في حدوث العلاقة المذكورة ، فإن مليار تعهد ومليار جعل وتخصيص لا يخلق تلازماً بين تصور اللفظ وتصور المعنى ما لم تنضم المرحلة الثانية إليه ، وهي مرحلة وضوح المعنى من اللفظ عبر القرائن المساهمة في هذا الوضوح بكمها أو كيفها . المعبر عنها سابقاً بمرحلة الاشارة .
ومنها أن المرحلة الثانية لا تنفصل عن المرحلة الأولى في حيثية التمهيد للعلاقة الراسخة بين اللفظ والمعنى ، بل هذه مترتبة على المرحلة الأولى ترتباً طبعياً كترتب اجزاء العلة الاعدادية ، فمن الواضح ان المرحلة الثانية هي مرحلة اظهار المعنى باللفظ واظهار المعنى باللفظ ولو بالقرينة فرع وجود ربط واختصاص بين اللفظ والمعنى ولو كان ربطاً اعتبارياً الذي هو المرحلة الأولى ، فالمرحلة الثانية متفرعة من المرحلة الأولى في مقام التمهيد للعلاقة الوضعية ، كما قال علماء الأصول بأن مرحلة الاتباع فرع مرحلة الاختراع .
وبناءاً على هذه الملاحظات الثلاث يحاول كل مسلك من المسالك المذكورة في باب الوضع صياغة الوضع صياغة تجمع بين المرحلتين الأولى والثانية ، لمدخليتهما معاً في حدوث العلاقة الوضعية وعدم انفكاك الثانية عن الأولى وتفرعها عنها . وظنوا ان ذلك هو أقرب الأسباب والطرق لحدوث العلاقة الوضعية المذكورة .
فقال بعضهم كصاحب الكفاية بمسلك الاختصاص بين اللفظ والمعنىٰ (١) ، لتصوره أن الاختصاص عنوان جامع بين المرحلتين المؤثرتين ، وذهب الاستاذ السيد الخوئي ( قده ) لمسلك التعهد (٢) ، وقد يعمم للتعهد الفردي والعقلائي والتعهد بالجعل والتعهد عبر الاستعمال حتىٰ يكون شاملاً
__________________
(١) الكفاية : ٩ .
(٢) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٣٨ و ٤٣ ، تعليقة أجود التقريرات ١ : ١٢ .