انتهاء هذه الفترة رجع الفكر الأصولي والفقه الخلافي للركود فلا يلاحظ في كتب الشهيد الأول إشارة للفقه المقارن ومواطن إبداع الإِمامية في الفكر الأصولي ، بل ذكر الشهيد الثاني في كتاب القضاء أنه يكفي للطالب دراسة مختصر ابن الحاجب في المنطق والأصول (١) ، مع أن هذا الكتاب لا يمثل الإِبداع الإِمامي .
الدور الثاني : وهو عبارة عن الصراع الفكري بين المدرسة الأصولية والأخبارية .
بيان ذلك : أن الشيعة بعد استقرارهم السياسي في عهد الصفوية في أوائل القرن العاشر برزت فيهم المدرسة الأخبارية المتمثلة في الملا أحمد أمين الاسترابادي ومن تأثر به كالمجلسيين والفيض الكاشاني والحر العاملي والشيخ يوسف البحراني ، وكان من عوامل بروز هذه المدرسة تصور بعض علماء الشيعة أن القواعد الأصولية المساهمة في استنباط الحكم الشرعي تعتمد على الفكر الكلامي والفلسفي مما أدى لابتعاد الحكم الشرعي عن مصادره الصافية وهي روايات أهل البيت عليهم السلام ، ومن هنا بدأ الصراع الفكري الحاد بين المدرستين واستفاد الفكر الأصولي تطوراً كبيراً من هذا الصراع وتقدم تقدماً عجيباً على يد الوحيد البهبهاني والمحقق القمي وصاحب الفصول والعلامة الأنصاري .
الدور الثالث : وهو عبارة عن المرحلة الفعلية التي نعيشها .
بيان ذلك : أن الفترة التي نعيشها الآن بمقتضى العوامل الاقتصادية والسياسية تمثل الصراع الحاد بين الثقافة الإِسلامية والثقافات الأخرى على مختلف الأصعدة ، فلا بد من تطوير علم الأصول وصياغته بالمستوى المناسب للوضع الحضاري المعاش . وقد ركزنا في بحوثنا على بعض الشذرات الفكرية
__________________
(١) شرح اللمعة ٣ : ٦٥ .