به ، فإن قيست بالنسبة للجاهل فهو مستحيل ، إذ لا يمكن للجاهل بالوضع ادراك الملازمة بين اللفظ والمعنى والا لاستحال الجهل باللغات كلها اذا كان هناك ملازمة واقعية بين اللفظ والمعنى شاملة للجاهل والعالم ، وان قيست بالنسبة للعالم بالوضع فهي حاصلة عنده لكنها متفرعة عن الوضع مترتبة عليه لا أنها هي الوضع نفسه .
وان أريد بها الملازمة الاعتبارية فتارة تلاحظ بالنسبة للجاهل بالوضع وتارة تلاحظ بالنسبة للعالم به ، فإن لوحظت بالنسبة للجاهل بالوضع فصدورها لغو لأن الجاهل بالوضع لا علم له به حتى ينتقل من تصور اللفظ لتصور المعنى فاعتبار الملازمة في حقه لا يجدي شيئاً ولا اثر له ، وان لوحظت بالنسبة للعالم بالوضع فيرد عليها أنها تحصيل حاصل لأن العالم بالوضع عنده ملازمة ذهنية بين اللفظ والمعنى فتحصيل هذه الملازمة باعتبارها في حقه تحصيل ما هو حاصل بالوجدان عن طريق التعبد ، وهو من أردأ أنحاء تحصيل الحاصل (١) .
ولكن هذا النقاش مدفوع :
أولاً : أننا نختار ان المراد بالملازمة الواقعية هي المقاسة بالنسبة للعالم بالوضع لا بالنسبة للجاهل به ومع ذلك لا يرد الاشكال بأن هذه الملازمة ليست هي بالوضع بل هي متفرعة عن الوضع ، وذلك لأن الوضع على نوعين الوضع بالمعنى المصدري والوضع بالمعنى الاسم المصدري ، والملازمة الواقعية وان كانت متفرعة عن الأول لكنها هي الوضع بالمعنى الثاني ومراد صاحب هذا المسلك عندما يعرف الوضع بالملازمة الواقعية هو المعنى الثاني لا الأول ، فلا يرد الاشكال المذكور .
وثانياً : اننا قد نختار أن المراد بالملازمة في التعريف الملازمة الاعتبارية
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٣٩ ـ ٤٠ .