السبب وهو اللفظ مع التفاته للمسبب وهو كون ذكر اللفظ سبباً لخطور المعنى في ذهن المخاطب ، سواء كان ذلك الخطور على نحو التلازم أم على نحو الهوهوية ، اذن فهو قاصد للتوصل للمسبب وهو تفهيم المعنى من اللفظ .
وهذه هي الدلالة التفهيمية التي هي في الحقيقة حكم عقلي أولاً وبالذات ويكتسبها اللفظ ثانياً وبالتبع بحيث تعد من الدلالات اللفظية ، مع أنها في الواقع مصداق من مصاديق قانون السببية الذي يكون محصله : ان من أوجد سبباً وهو ملتفت لسببيته ـ هذا القيد اشارة للمقدمة الأولى وهي احراز التفات المتكلم ـ فهو قاصد للتوصل لمسببه ، والحكم عليه بأنه قاصد بمقتضى المقدمة الثانية وهي ان لكل فعل غاية ، فغايته التوصل لاخطار المعنى بعد التفاته للسببية المذكورة .
وهذه الدلالة كما ترى لا تتوقف على وجود تعهد من المتكلم بأني اذا ذكرت اللفظ الفلاني فأنا أريد المعنى الفلاني بل هي تتحقق وتحصل اذا تحققت المرحلة الثانية من مراحل الوضع وهي سببية اللفظ مع القرينة للانتقال إلى المعنى ، فإنه إذا تمت هذه المرحلة وترسخت العلاقة بين اللفظ ، والمعنى ، سواء أكانت العلاقة على نحو التلازم أم على نحو الهوهوية ، فإن الدلالة التفهيمية تتحقق بعد ذلك ، سواء أكان هناك في المرحلة الأولى للوضع عملية تعهد نفساني من الواضع بذكر اللفظ عند ارادة المعنى أم لم تكن هناك هذه العملية ، بل كانت صياغة اخرى للوضع كالتخصيص أو جعل الملازمة أو غيره من المسالك .
مختار الاستاذ السيد الخوئي ( قده ) : من كون الدلالات التفهيمية ناشئة عن التعهد ، وبيانه في خمس نقاط :
الأولى : حاجة الانسان للتعهد : لما كان الانسان اجتماعياً
بالطبع احتاج للتعايش مع المجتمع ، والتعايش لا يتم الا عن طريق التفهم والتفهيم ،