وأردنا المعنى المجازي جداً أيضاً وهو الرجل الشجاع ، فهنا ـ في المثال ـ المراد الاستعمالي واحد الا أن المراد الجدي متعدد ، وإطلاق اللفظ مع إرادة معنيين منه جداً وأحدهما مراد استعمالي دون الآخر داخل في محل البحث إمكاناً ووقوعاً .
إذن فمحل البحث هو الشمول لموارد الإِيجاد ولموارد الاستعمال ، مع تعدد المستعمل فيه ومع وحدته ككونه مجازاً ، والمجاز مراد جدي لا استعمالي .
النقطة الثالثة : مورد البحث هو اطلاق اللفظ مع ارادة عدة معاني على نحو يكون هذا الاطلاق الواحد في حكم الاطلاقات المتعددة بعدد المعاني ، لارادة كل معنى باستقلاله من اطلاق اللفظ ، ومتى اريد باللفظ وحدة جامعة بين كثرات المعاني خرج الاطلاق عن مورد البحث .
والوحدة المتصورة على أربعة أقسام :
الأول : الوحدة الحقيقية ، وتعنى ارادة الجامع المنطبق على المعاني انطباق الكلي علىٰ أفراد ، فمثلاً قوله تعالىٰ : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) (١) قد استعمل فيه لفظ الصلاة في الجامع بين صلاة الله وصلاة الملائكة وهو العطف ، لا أن المستعمل فيه متعدد كما هو ظاهر بعض المفسرين ، حيث قالوا بان صلاة الله رحمته وصلاة الملائكة استغفارهم .
ومثل ذلك قوله تعالى : ( اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ ) (٢) فالمستعمل فيه لفظ السجود معنىٰ واحد وهو الخضوع وان كان خضوع كل شيء بحسبه ، لا ان المستعمل فيه متعدد باعتبار ان سجود الملائكة هو الخشوع وسجود البشر وضع الجبهة على الأرض وسجود الشمس انقيادها التكويني لأمر الخالق عز وجل .
__________________
(١) الاحزاب ٣٣ : ٥٦ .
(٢) الحج ٢٢ : ١٨ .