المقدمة الرابعة : حول البحث في المشتق ، هل هو بحث عقلي أم بحث لغوي فهنا نظريتان :
الأولى : إن البحث في المشتق بحث عقلي فلسفي ، وذلك لأن مفهوم المشتق مفروغ عنه وهو الواجد للمبدأ بأي لون من ألوان الواجدية فلا نزاع في مفهومه .
وإنما النزاع في كون الموضوع المحمول عليه المشتق هل هو من مصاديق المشتق وأفراده مطلقاً حتى بعد انقضاء تلبسه بالمبدأ أو أنه من مصاديقه حين التلبس فقط ، فالبحث متعلق بمرحلة الصدق والفردية لا بمرحلة التشخيص اللغوي للمفهوم ، ولذلك يختص البحث بالقضايا والجمل الاسنادية لأنها تعبر عن مرحلة الصدق ولا ربط له بالمفردات ، إذن فالبحث في المقام تصديقي لا بحث تصوري في مفهوم المشتق .
وقد ذهب لهذه النظرية المحقق الطهراني صاحب المحجة والتبريزي في المشتقات والبهبهاني في المقالات والسيد البروجردي (١) وبعض الأعاظم (٢) .
الثاني : إن البحث في المقام حول ظهور لفظ المشتق في خصوص المتلبس بالمبدأ أو الأعم ، فهو بحث لغوي حول مدلول كلمة معينة وأن هذا المدلول هل هو واسع يشمل المنقضي أم ضيق فيختص بحين التلبس . وهذا ما يسمى بالشبهة المفهومية الدائرة بين الأقل والأكثر كالنزاع في مفهوم الفاسق الخاص بمرتكب الكبيرة أو الشامل لها ولمرتكب الصغيرة ، ومثله النزاع في الصحيح والأعم أيضاً .
__________________
(١) الحاشية علىٰ كفاية الأصول ، تقريرات البروجردي ١ : ١١٢ .
(٢) تهذيب الاصول ١ : ٩٨ ـ ١٠٠ .