إذن البحث هنا بحث لغوي تصوري سواءاً كان هناك جملة اسنادية أم لا ، وقد ذهب لهذا الرأي المحققون الثلاثة النائيني (١) والعراقي (٢) والاصفهاني (٣) وهو مختارنا أيضاً (٤) .
ونستعرض الآن النظرية الأولى وتقريبها وما يرد عليها من الملاحظات :
تقريبها : إن ما نتصوره من كلام المحقق الطهراني في المحجة أحد وجهين :
أ ـ إن الحمل على نوعين ، حمل مواطاة وحمل اشتقاق ، فأما حمل المواطاة فيعني الهوهوية بين الموضوع والمحمول والهوهوية تقتضي الاتحاد الوجودي بينهما ، ومع حصول الاتحاد المذكور فالموضوع لا بد وأن يكون من المصاديق الفعلية للمحمول ومن أفراده الحالية والا لم يصح حمل المشتق عليه ، إذ لا يصح أن يقال للسائل أنه ماء بعد تحوله بخاراً ، ولا يصح أن يقال للمائع أنه خل بعد تحوله خمراً .
فحمل المواطاة متقوم بالهوهوية الوجودية التي تعني كون الموضوع مصداقاً فعلياً للمحمول .
وأما حمل الاشتقاق فمعناه : حمل المبدأ على الذات التي تلبست به فليس معناه الهوهوية بين الطرفين ، إذ لا هوهوية بين المبدأ وبين الذات ولذلك لا يصح حمله عليها فلا يقال زيد جلوس الا مع التأويل ، بل معناه مجرد الانتساب أي انتساب هذا المبدأ إلى الذات .
وحينئذ يقع البحث في أن حمل الاشتقاق الراجع لمعنى الانتساب هل
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٨٢ و ٩٣ و ١١١ .
(٢) أجود التقريرات ١ : ٥٧ و ٥٩ .
(٣) مقالات الاصوليين : ٥٦ ـ ٥٧ .
(٤) نهاية الدراية ١ : ٦٨ .