يتصور النزاع بعد زواله ، فإن الشيء لا ينقلب عما وقع عليه (١) .
ولكننا نلاحظ على هذا الرأي نقضاً وحلاً ، أما النقض فبأمرين :
أ ـ اسم الفاعل كالضارب ـ مثلاً ـ بمعنى من صدر منه الضرب ، فإنه بهذا المعنى لا يتصور فيه انقضاء المبدأ أصلاً فلا يعقل النزاع فيه أيضاً ، مع أنه خصَّص عدم النزاع باسم المفعول .
ب ـ اسم المفعول كالمملوء مثلاً ، فإن الامتلاء يتصور وجوده ويتصور زواله ، ولذلك فالنزاع فيه معقول بعد انقضاء مبدأ الامتلاء وزواله .
وأما الحل فيتم ببيان الفارق بين المبادئ الآنية ـ عرفاً ـ والمبادئ الاستمرارية ، فالضرب والقتل ـ مثلاً ـ مبدأ آني ـ عرفاً ـ غير قابل للامتداد في عمود الزمان ، ولهذا لو أخذنا هذا المبدأ بمعناه الجلي ـ وهو البقاء والتحقق ـ ضاقت فترة التلبس به وكانت صحة الاطلاق الحقيقي له بعد انقضاء التلبس دليلاً على الوضع للأعم ، ولكن لو أخذنا هذا المبدأ بمعناه الخفي ـ وهو ـ المضي والحدوث ـ فلا يتصور فيه الانقضاء حينئذ كما لا يتصور الانقضاء ـ أيضاً ـ في اسم الفاعل المتضمن لهذا الحدث الآني ـ أيضاً ـ كالضارب والقاتل .
ومقابل ذلك توجد مبادئ استمرارية ممتدة في عمود الزمان كالامتلاء والنقش فيقال مملوء ومنقوش ، وفي مثل هذا لا يوجد مبدأ خفي وجلي يختلف باختلافهما الأثر بل له مبدأ واحد مأخوذ بنحو الفعلية ، فيتصور فيه الانقضاء والاستمرار ويكون النزاع فيه معقولاً .
٦ ـ ما كان المبدأ فيه اعتبارياً نحو المبيع ، فإن مبدأه وهو البيع إن لوحظ بمعناه الجلي وهو البيع المصدري الذي هو أمر تكويني وهو العقد نفسه فبهذا اللحاظ تضيق دائرة التلبس ، وإن لوحظ بمعناه الخفي وهو المملوكية أي البيع
__________________
(١) أجود التقريرات : ١ / ٨٣ ـ ٨٤ .