الوصف مشعر بالعلية ـ باعتبار وجود القرينة المقامية ، وهي مناسبة الحكم للموضوع ، حيث أنه لا يمكن ـ عادة ـ الحكم بحد السارق حين سرقته ، فلا وجه حينئذ لدوران الحكم مدار العنوان حدوثاً وبقاءاً .
وبعد اتضاح أقسام موضوعات الأحكام يتبين لنا أن الدليل الذي اعتمد عليه في القول بالأعم غير تام ، وذلك لأن الدليل مؤلف من مقدمتين ونتيجة ، فالمقدمة الأولى أن الأحكام تدور مدار عناوين الموضوعات حدوثاً وبقاءاً للقاعدة العرفية القائلة إن تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية ، والمقدمة الثانية ان مقتضى الدوران مدار عنوان الموضوع بقاء الصدق الحقيقي لعنوان الموضوع في مثل قوله تعالى : ( السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) (١) الى حين ترتب الحكم ، والنتيجة أن مقتضى بقاء الصدق الحقيقي للعنوان حين ترتب الحكم حتى مع زوال التلبس بالمبدأ هو القول بالأعم .
ولكننا بعد أن ناقشنا المقدمة الأولى وأوضحنا اختلاف عناوين موضوعات الأحكام ، فلا يتم هذا الدليل بنظرنا ولا يصح الاعتماد عليه في القول بالأعم .
ملحق : وفيه بيان ثلاثة اُمور :
الأول : قد يقال بعدم تحقق القسم الثالث من عناوين موضوعات الأحكام ، وهو ما يدور الحكم مدار العنوان فيه حدوثاً لا بقاءاً ، وذلك لمانع ثبوتي ومانع إثباتي ، أما المانع الثبوتي فخلاصته : أن الأصوليين قالوا بأن علاقة الحكم بموضوعه علاقة المعلول بعلته التامة فكما يستحيل وجود المعلول وبقاؤه بدون بقاء علته التامة فكذلك يستحيل وجود الحكم مع زوال موضوعه .
وأما المانع الإِثباتي فمحصله : إن العدلية اتفقوا على تبعية الأحكام
__________________
(١) المائدة : ٥ / ٣٨ .