للمصالح والمفاسد ، ومعنى ذلك أن ارتباط الحكم بموضوعه نابع من الارتباط بملاك معين ومصلحة كامنة في هذا الموضوع ، وهذا الارتباط يؤدي لدوران الحكم مدار عنوان موضوعه حدوثاً وبقاءاً ، فلا يمكن الخروج عن هذه القاعدة الا بشاهد واضح .
وحينئذ فإطلاق لفظ السارق في الآية ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) (١) إما أن يكون مجازياً وإما أن يكون حقيقياً ، فإن كان الاطلاق مجازياً فلازمه أن الموضوع قد زال وانتهى ومع زواله فلا يعقل بقاء الحكم للارتباط الوثيق بينهما ، وهو ارتباط الحكم بملاكه ومناطه ، وإن كان الاطلاق حقيقياً فلازمه الوضع للأعم لزوال التلبس بمبدأ السرقة حين فعلية الحكم ، وهذا هو المطلوب .
والجواب عن هذا الايراد بعدة وجوه :
أ ـ إنه لا توجد علاقة تكوينية بين الحكم وموضوعه وإنما هي علاقة اعتبارية ، فإن المصلحة الكامنة في الموضوع لا تستلزم تكويناً وضع هذا الحكم الاعتباري المعين كما هو واضح ، فإذا كانت العلاقة علاقة اعتبارية فأي مانع من القول بأن علة الحكم محدثة ومبقية وأن موضوع الحكم يكفي حدوثه في حدوث الحكم وبقائه ؟ ! .
فإن الملازمة بينهما اعتبارية لا تكوينية حتى يقال : بأن علاقة الحكم بموضوعه علاقة المعلول بعلته التامة حدوثاً وبقاءاً ، وأن الحكم يدور مدار عنوان موضوعه حدوثاً وبقاءاً .
وبعد إنكار هذه القاعدة نقول : إن ظاهر تعليق الحكم على الوصف العنواني وإن كان دورانه مداره حدوثاً وبقاءاً لكننا نخرج عن هذا الظاهر أحياناً
__________________
(١) المائدة : ٥ / ٣٨ .