لبعض القرائن ومنها قرينة مناسبة الحكم للموضوع ، فإن هذه القرينة تقتضي كفاية حدوث العنوان في ترتب الحكم وإن زال التلبس بالعنوان بعد ذلك ، فمثلاً في آية السرقة والزنا نقول : إن مقتضى مناسبة الحكم للموضوع كفاية حدوث السرقة والزنا في ترتب الحكم بالحد لاستحالة تقارنهما عادة ، وكذلك في آية العهد ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) ، فإن مناسبة الحكم للموضوع تقتضي كفاية حدوث الظلم في زمان للحكم بعدم تقلد منصب الامامة كما سيأتي بيانه .
ب ـ قد ذكرنا فيما سبق أنه قد يقع الخلط بين المبدأ الجلي للمشتق والمبدأ الخفي ، فلفظ السارق ـ مثلاً ـ مبدؤه الجلي هو السرقة بمعنى التحقق والبقاء ، وهو بهذا المعنى لا فعلية له حين ترتب الحكم ، ولازم ذلك القول بالوضع للأعم .
بينما عندما نلاحظ مبدأه الخفي وهو السرقة بمعنى المضي والحدوث بحيث يكون المراد بالسارق من صدر منه السرقة فحينئذ لا يتصور انقضاء هذا المبدأ أبداً ، فالاطلاق حقيقي لعدم انقضاء التلبس ويدور الحكم حينئذ مداره حدوثاً وبقاءاً لعدم انتهائه .
وبناءاً على هذا الجواب لا نحتاج لمناقشة القاعدة القائلة بلزوم دوران الحكم مدار عنوان موضوعه حدوثاً وبقاءاً ، بل نقول حتى مع التسليم بهذه القاعدة وكون علاقة الحكم بموضوعه علاقة المعلول بعلته التامة لا نرى في المثال خرقاً للقاعدة ، فإن ترتب الحكم بالحد مقارن للصدق الحقيقي لعنوان السارق ما دام مأخوذاً بنحو المضي والحدوث .
ج ـ ما يستفاد من كلمات المحقق العراقي ( قده ) وهو أن الموضوع في آية السرقة والزنا إن كان هو العنوان ـ أي عنوان السارق وعنوان الزاني ـ على نحو
__________________
(١) البقرة : ٢ / ١٢٤ .